١٩٩وإن من أهل . . . . . {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّه وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ } لما مات أصمحة النجاشي ملك الحبشة . ومعنى أصمحة بالعربية عطية ، قال سفيان بن عيينة وغيره : { صلى عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم } فقال قائل : يصلي عليه العلج النصراني وهو في أرضه فنزلت ، قاله : جابر بن عبد اللّه ، وابن عباس ، وأنس . وقال الحسن وقتادة : في النجاشي وأصحابه . وقال ابن عباس فيما روى عنه أبو صالح : في مؤمني أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وبه قال : مجاهد . وقال ابن جريج وابن زيد ومقاتل : في عبد اللّه بن سلام وأصحابه . وقال عطاء : في أربعين من نجران ، واثنين وثلاثين من الحبشة ، وثمانية من الروم ، كانوا على دين عيسى فآمنوا بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ، ومِن في لمن الظاهر أنها موصولة ، وأجيز أن تكون نكرة موصوفة أي : لقوماً . والذي أنزل إلينا هو القرآن ، والذي أنزل إليهم هو كتابهم . {خَاشِعِينَ للّه لاَ يَشْتَرُونَ بِئَايَاتِ اللّه ثَمَناً قَلِيلاً } كما اشترت بها أحبارهم الذين لم يؤمنوا . وانتصاب خاشعين على الحال من الضمير في يؤمن ، وكذلك لا يشترون هو في موضع نصب على الحال . وقيل : حال من الضمير في إليهم ، والعامل فيها أنزل . وقيل : حال من الضمير في لا يشترون ، وهما قولان ضعيفان . ومن جعل من نكرة موصوفة ، يجوز أن يكون خاشعين ولا يشترون صفتين للنكرة . وجمع خاشعين على معنى من كما جمع في وما أنزل إليهم . وحمل أولاً على اللفظ في قوله : يؤمن ، فأفرد وإذا اجتمع الحملان ، فالأولى أن يبدأ بالحمل على اللفظ . وأتى في الآية بلفظ يؤمن دون آمن ، وإن كان إيمان من نزل فيهم قد وقع إشارة إلى الديمومة والاستمرار . ووصفهم بالخشوع وهو التذلل والخضوع المنافي للتعاظم والاستكبار ، كما قال تعالى : { وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} {أُوْلئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ } أي ثواب إيمانهم ، وهذا الأجر مضاعف مرتين بنص الحديث الصحيح :{ وَإِنَّ مِنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ يُؤْتَى أَجْرُهُ مَّرَّتَيْنِ } يضاعف لهم الثواب بما تضاعف منهم من الأسباب . وعند ظرف في موضع الحال ، والعامل فيه العامل في لهم ، ومعنى عند ربهم : أي في الجنة . {إِنَّ اللّه سَرِيعُ الْحِسَابِ } أي سريع الإتيان بيوم القيامة وهو يوم الحساب . والمعنى : أنَّ أجرهم قريب إتيانه أو سريع حسابه لنفوذ علمه ، فهو عالم بما لكل عامل من الأجر . وتقدم تفسير هذه الجملة مستوفى . |
﴿ ١٩٩ ﴾