٢٠٠يا أيها الذين . . . . . {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ختم اللّه تعالى هذه السورة بهذه الوصاية التي جمعت الظهور في الدنيا على العدو ، والفوز بنعيم الآخرة ، فأمره تعالى بالصبر والمصابرة والرباط . فقيل : اصبروا وصابروا بمعنى واحد للتأكيد . وقال الحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وابن جريج : اصبروا على طاعة اللّه في تكاليفه ، وصابروا أعداء اللّه في الجهاد ، ورابطوا في الثغور في سبيل اللّه . أي : ارتبطوا الخيل كما يرتبطها أعداؤكم . وقال أبي ومحمد بن كعب القرظي : هي مصابرة وعد اللّه بالنصر ، أي : لا تسأموا وانتظروا الفرج . وقيل : رابطوا ، استعدوا للجهاد كما قال :{ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مّن قُوَّةٍ وَمِن رّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّه وَعَدُوَّكُمْ} وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : الرباط انتظاراً الصلاة بعد الصلاة ، ولم يكن في زمن الرسول صلى اللّه عليه وسلم غزو مرابط فيه . واحتج بقوله عليه السلام : { ألا أدلكم على ما يمحو اللّه به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ثلاثاً } فعلى هذا لا يكون رابطوا من باب المفاعلة . قال ابن عطية : والقول الصحيح هو أن الرباط هو الملازمة في سبيل اللّه ، أصلها من ربط الخيل ، ثم سمى كل ملازم لثغر من ثغور الإسلام مرابطاً ، فارساً كان أو راجلاً ، واللقطة مأخوذة من الربط . وقول النبي صلى اللّه عليه وسلم ؛ فذلكم الرباط إنما هو تشبيه بالرباط في سبيل اللّه ، إذ انتظار الصلاة إنما هو سبيل من السبل المنجية ، والرباط اللغوي هو الأول . والمرابط في سبيل اللّه عند الفقهاء هو الذي يشخص إلى ثغر من الثغور ليرابط فيه مدة ما قاله : ابن المواز ، ورواه . فأما سكان الثغور دائماً بأهليهم الذين يعتمرون ويكتسبون هناك فهم وإن كانوا حماة ، ليسوا بمرابطين انتهى كلامه . وقال الزمخشري : وصابروا أعداء اللّه في الجهاد أي غالبوهم في الصبر على شدائد الحرب ، لا تكونوا أقل صبراً منهم وثباتاً . والمصابرة باب من الصبر ، ذكر بعد الصبر على ما يجب الصبر عليه تحقيقاً لشدته وصعوبته . ورابطوا : وأقيموا في الثغور رباطين خيلكم فيها مترصدين مستعدين للغزو . قال اللّه تعالى : فعلى هذا لا يكون رابطوا من باب المفاعلة . قال ابن عطية : والقول الصحيح هو أن الرباط هو الملازمة في سبيل اللّه ، أصلها من ربط الخيل ، ثم سمى كل ملازم لثغر من ثغور الإسلام مرابطاً ، فارساً كان أو راجلاً ، واللقطة مأخوذة من الربط . وقول النبي صلى اللّه عليه وسلم ؛ فذلكم الرباط إنما هو تشبيه بالرباط في سبيل اللّه ، إذ انتظار الصلاة إنما هو سبيل من السبل المنجية ، والرباط اللغوي هو الأول . والمرابط في سبيل اللّه عند الفقهاء هو الذي يشخص إلى ثغر من الثغور ليرابط فيه مدة ما قاله : ابن المواز ، ورواه . فأما سكان الثغور دائماً بأهليهم الذين يعتمرون ويكتسبون هناك فهم وإن كانوا حماة ، ليسوا بمرابطين انتهى كلامه . وقال الزمخشري : وصابروا أعداء اللّه في الجهاد أي غالبوهم في الصبر على شدائد الحرب ، لا تكونوا أقل صبراً منهم وثباتاً . والمصابرة باب من الصبر ، ذكر بعد الصبر على ما يجب الصبر عليه تحقيقاً لشدته وصعوبته . ورابطوا : وأقيموا في الثغور رباطين خيلكم فيها مترصدين مستعدين للغزو . قال اللّه تعالى :{ وَمِن رّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّه وَعَدُوَّكُمْ } وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم : { من رابط يوماً وليلة في سبيل اللّه كان كعدل صيام شهر وقيامه لا يفطر ولا ينفتل عن صلاته إلا لحاجة } انتهى كلام الزمخشري . وفي البخاري قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : { رباط يوم في سبيل اللّه خير من الدنيا وما فيها } وفي مسلم : { رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه رزقه وأمن الفتان } وفي سنن أبي داود قال : { كل الميت يختم على عمله إلا المرابط فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتاني القبر} . وتضمنت هذه الآيات من ضروب البيان والبديع الاستعارة . عبر بأخذ الميثاق عن التزامهم أحكام ما أنزل عليهم من التوراة والإنجيل ، وبالنبذ وراء ظهورهم عن ترك عملهم بمقتضى تلك الأحكام ، وباشتراء ثمن قليل عن ما تعوضوه من الحطام على كتم آيات اللّه ، وبسماع المنادي إن كان القرآن عن ما تلقوه من الأمر والنهي والوعد والوعيد بالاستجابة عن قبول مسألتهم ، وبانتفاء التضييع عن عدم مجازته على يسير أعمالهم ، وبالتقلب عن ضربهم في الأرض لطلب المكاسب ، وبالمهاد عن المكان المستقر فيه ، وبالنزل عما يعجل اللّه لهم في الجنة من الكرامة ، وبالخشوع الذي هو تهدم المكان وتغير معالمه عن خضوعهم وتذللّهم بين يديه ، وبالسرعة التي هي حقيقة في المشي عن تعجيل كرامته . قيل : ويحتمل أن يكون الحساب استعير للجزاء ، كما استعير { ولم أدر ما حسابيه} لأن الكفار لا يقام لهم حساب كما قال تعالى : { فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً } والطباق في : لتبيينه للناس ولا تكتمونه ، وفي السموات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، فالسماء جهة العلو والأرض جهة السفل ، والليل عبارة عن الظلمة والنهار عبارة عن النور ، وفي : قياماً وقعوداً ومن : ذكر أو أنثى . والتكرار : في لا تحسبن فلا تحسبنهم ، وفي : ربنا في خمسة مواضع ، وفي : فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا إن كان المعنى واحد وفي : ما أنزل إليكم وما أنزل إليهم ، وفي : ثواباً وحسن لثواب . والاختصاص في : لأولي الألباب ، وفي : وما للظالمين من أنصار ، وفي : توفنا مع الأبرار ، وفي : ولا تحزنا يوم القيامة ، وفي : وما عند اللّه خير للأبرار . والتجنيس المماثل في : أن آمنوا فآمنا ، وفي : عمل عامل منكم . والمغاير في : منادياً ينادي . والإشارة في : ما خلقت هذا باطلاً ، والحذف في مواضع . |
﴿ ٢٠٠ ﴾