٤٠

إن اللّه لا . . . . .

المثقال : مفعال من الثقل ، ومثقال كل شيء وزنه ، ولا تظنّ أنه الدينار لا غير . الذرة : النملة الصغيرة

وقيل : أصغر ما تكون إذا مر عليها حول ،

وقيل في وصفها . الحمراء . قيل : إذا مر عليها حول صغرت وجرت . قال : من القاصرات الطرف لو دب محول

من الذر فوق الاتب منها لاثرا

وقال حسان : لو يدب الحولى من ولد الذر

ر عليها لأندبتها الكلوم

وقيل عن ابن عباس : الذرة رأس النملة .

وقيل عنه : أدخل يده في التراب ورفعها ثم نفخ فيه ، وقال : كل واحدة من هؤلاء ذرة .

وقيل : كل جزء الهباء في الكوة ذرة .

وقيل : الذرة هي الخردلة .

السكر : انسداد طريق التمييز بشرب ما يسكر من قولهم : سكرت عين البازي ، إذا خالها النوم . ومنه : سكر النهر إذا اسندت مجاريه وسكرته أنا . والسكر : أيضاً بضم السين السد . قال : فما زلنا على الشرب

نداوي السكر بالسكر

والسكر : بالفتح ما أسكر ، أي منع من التمييز .

الغائط : ما انخفض من الأرض ، وجمعه غيطان .

ويقال : عيط وغوط . وزعم ابن جني : أن غيطاً فعيل ، إذ أصله عنده غيط مثل هين وسيد إذا أخففتهما . والصحيح : أنه فعل . كما أنّ غوطاً فعل ، لأن العرب قالت : غاط يغوط ويغيط ، فأتت به مرة في ذوات الياء ، ومرة في ذوات الواو . وجمعوا غوطاً على أغواط

ويقال : تغوّط إذا أحدث وغاط في الأرض يغيط ويغوط غاب فيها حتى لا يظهر إلا لمن وقف عليه . وكان الرجل إذا أراد التبرز ارتاد غائطاً من الأرض يستتر فيه عن أعين الناس ، ثم قيل : للحدث . نفسه غائطاً ، كما قيل : سال الميزان وجرى النهر .

{إِنَّ اللّه لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } نزلت في المهاجرين الأوّلين .

وقيل : في الخصوم .

وقيل : في عامة المؤمنين . ومناسبة هذه لما قبلها واضحة لأنه تعالى لما أمر بعبادته تعالى وبالإحسان للوالدين ومن ذكر معهم ، ثم أعقب ذلك بذم البخل والأوصاف المذكورة معه ، ثم وبخ من لم يؤمن ، ولم ينفق في طاعة اللّه ، فكان هذا كله توطئة لذكر الجزاء على الحسنات والسيئات فأخبر تعالى بصفة عدله ، وأنه عزّ وجل لا يظلم أدنى شيء ، ثم أخبر بصفة الإحسان فقال :

{وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } وضرب مثلاً لأحقر الأشياء وزن ذرة ، وذلك مبالغة عظيمة في الانتفاء عن الظلم البتة . وظاهر قوله : مثقال ذرّة ، أن الذرّة لها وزن .

وقيل : الذرّة لا وزن لها ، وأنه امتحن ذلك فلم يكن لها وزن . وإذا كان تعالى لا يظلم مثقال ذرّة فلأن لا يظلم فوق ذلك أبلغ ، ولما كانت الذرة أصغر الموجودات ضرب بها المثل في القلة .

وقرأ ابن مسعود : مثقال نملة ، ولعل ذلك على سبيل الشرح للذرة .

قال الزمخشري : وفيه دليل على أنه لو نقص من أجره أدنى شيء وأصغره ، أو زاد في العقاب ، لكان ظلماً . وأنه لا يفعله لاستحالته في الحكمة ، لا لاستحالته

في القدرة انتهى . وهي نزعة اعتزالية . وثبت في صحيح مسلم عن أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : { إِنَّ اللّه لاَ يَظْلِمُ مُؤْمِناً حَسَنَةٌ يَرْغَبُ عَن مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الاْخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا } ويظلم يتعدّى لواحد ، وهو محذوف وتقديره : لا يظلم أحداً مثقال ذرة . وينتصب مثقال على أنه نعت لمصدر محذوف أي : ظلماً وزن ذرّة ، كما تقول : لا أظلم قليلاً ولا كثيراً .

وقيل : ضمنت معنى ما يتعدّى لاثنين ، فانتصب مثقال على أنه مفعول ثان ، والأول محذوف التقدير : لا ينقص ، أو لا يغضب ، أو لا يبخس أحداً مثقال ذرة من الخير أو الشر ، { وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً}

حذفت النون من تلك لكثرة الاستعمال ، وكان القياس إثبات الواو ، لأن الواو إنما حذفت لالتقاء الساكنين . فكان ينبغي أنه إذا حذفت ترجع الواو ، ولأن الموجب لحذفها قد زال . ولجواز حذفها شرط على مذهب سيبويه وهو : أن تلاقي ساكنان ، فإن لاقته نحو : لم يكن ابنك قائماً ، ولم يكن الرجل ذاهباً ، لم يجز حذفها . وأجازه يونس ، وشرط جواز هذا الحذف دخول جازم على مضارع معرب مرفوع بالضمة ، فلو كان مبنياً على نون التوكيد ، أو نون الإناث ، أو مرفوعاً بالنون ، لم يجز حذفها .

وقرأ الجمهور : حسنة بالنصب ، فتكون ناقصة ، واسمها مستتر فيها عائد على مثقال . وأنث الفعل لعوده على مضاف إلى مؤنث ، أو على مراعاة المعنى ، لأن مثقال معناه زنة أي : وإن تك زنة ذرّة .

وقرأ الحسن والحرميان : حسنة بالرفع على أن تك تامة ، التقدير : وإن تقع أو توجد حسنة .

وقرأ الإبنان : يضعفها مشدّدة من غير ألف . قال أبو علي : المعنى فيهما واحد ، وهما لغتان . ويدل على هذا قراءة من قرأ { يُضَاعِفُ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ } و { فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} وقال أبو عبيدة في كتاب المجاز والطبري : ضاعف يقتضي مراراً كثيرة ، وضعف يقتضي مرتين ، وكلام العرب يقتضي عكس هذا . لأنّ المضاعفة تقتضي زيادة المثل ، فإذا شدّدت اقتضت البنية التكثير فوق مرتين إلى أقصى ما يزيد من العدد ، وقد تقدم لنا الكلام في هذا .

وقال الزمخشري : يضاعف ثوابها لاستحقاقها ضده الثواب في كل وقت من الأوقات المستقبلة غير المتناهية . وورد تضعيف الحسنة لعشر أمثالها في كتاب اللّه ، وتضعيف النفقة إلى سبعمائة ، ووردت أحاديث التضعيف ألفاً وألف ألف ، ولا تضاد في ذلك ، إذ المراد الكثرة لا التحديد . وإن أريد التحديد فلا تضاد أيضاً ، لأن الموعود بذلك جميع المؤمنين ، ويختلف باختلاف الأعمال . وظاهر قوله : إن اللّه لا يظلم مثقال ذرة الآية أنها عامة في كل أحد ، وتخصيص ذلك بالمهاجرين غير ظاهر من لدنه أي : من عنده على سبيل التفضل .

قال الزمخشري : سماه أجراً لأنه تابع للأجر لا يثبت إلا بثباته . انتهى قال ابن مسعود وابن جبير وابن زيد الأجر : هنا الجنة .

وقيل : لا حد له ولا عد .

﴿ ٤٠