١٢٤

ومن يعمل من . . . . .

{وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ } مِن الأولى هي للتبعيض ، لأن كل واحد لا يتمكن من عمل كل الصالحات ، وإنما يعمل منها ما هو تكليفه وفي وسعه . وكم مكلف لا يلزمه زكاة ولا حج ولا جهاد ، وسقطت عنه الصلاة في بعض الأحوال على بعض المذاهب .

وحكى الطبري عن قوم : أنّ من زائدة ، أي : ومن يعمل الصالحات . وزيادة من في الشرط ضعيف ، ولا سيما وبعدها معرفة . ومِن الثانية لتبيين الإبهام في : ومن يعمل . وتقدم الكلام في أوفى قوله :{ لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى } وهو من مؤمن . جملة حالية ، وقيد في عمل الإنسان لأنه لو عمل من الأعمال الصالحة ما عمل فلا ينفعه إلا إن كان مؤمناً .

قال الزمخشري : وإذا أبطل اللّه الأماني وأثبت أن الأمر كله معقود بالعمل الصالح وأن من أصلح عمله فهو الفائز ، ومن أساء عمله فهو الهالك ، تبين الأمر ووضح ، ووجب قطع الأماني وحسم المطامع ، والإقبال على العمل الصالح ، ولكنه نصح لا تعيه الآذان ، ولا تلقى إليه الأذهان انتهى . والذي تدل عليه الآية أن الإيمان شرط في الانتفاع بالعمل ، لأنّ العمل شرط في صحة الإيمان .

{وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } ظاهره : أنه يعود إلى أقرب مذكور وهم المؤمنون ، ويكون حكم الكفار كذلك . إذ ذكر أحد الفريقين يدل على الآخر ، أنّ كلاهما يجزى بعمله ، ولأنّ ظلم المسيء أنه يزاد في عقابه . ومعلوم أنه تعالى لا يزيد في عقاب المجرم ، فكان ذكره مستغنى عنه . والمحسن له ثواب ، وتوابع للثواب من فضل اللّه هي في حكم الثواب ، فجاز أن ينقص من الفضل . فنفي الظلم دلالة على أنه لا يقع نقص في الفضل . ويحتمل أن يعود الضمير في : ولا يظلمون إلى الفريقين ، عامل السوء ، وعامل الصالحات .

وقرأ : يدخلون مبنياً للمفعول هنا ، وفي مريم ، وأوّلي غافر بن كثير أبو عمر وأبو بكر .

وقرأ كذلك ابن كثير وأبو بكرفي ثانية غافر .

وقرأ كذلك أبو عمرو في فاطر .

وقرأ الباقون مبنياً للفاعل .

﴿ ١٢٤