١٣١

وللّه ما في . . . . .

{وَللّه مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ } لما ذكر تعالى سعة رزقه وحكمته ، ذكر أنَّ له ملك ما في السموات وما في الأرض ، فلا يعتاض عليه غنى أحد ، ولا التوسعة عليه ، لأنّ من له ذلك هو الغني المطلق .

{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّه} وصينا : أمرنا أو عهدنا إليهم وإليكم ، ومن قبلكم : يحتمل أن يتعلق بأوتوا وهو الأقرب ، أو بوصينا . والمعنى : أن الوصية بالتقوى هي سنة اللّه مع الأمم الماضية فلستم مخصوصين بهذه الوصية . وإياكم عطف على الموصول ، وتقدّم الموصول لأن وصيته هي السابقة على وصينا فهو تقدم بالزمان . ومثل هذا العطف أعني : عطف الضمير المنصوب المنفصل على الظاهر فصيح جاء في القرآن وفي كلام العرب ، ولا يختص بالشعر ، وقد وهم في ذلك بعض أصحابنا وشيوخنا فزعم أنه لا يجوز إلا في الشعر ، لأنك تقدر على أن تأتي به متصلاً فتقول : آتيك وزيداً . ولا يجوز عنده : رأيت زيداً وإياك إلا في الشعر ، وهذا وهم فاحش ، بل من موجب انفصال الضمير كونه يكون معطوفاً فيجوز قام زيد وأنت ، وخرج بكر وأنا ، لا خلاف في جواز ذلك . فكذلك ضربت زيداً وإياك .

والذين أوتوا الكتاب هو عام في الكتب الإلهية ، ولا ضرورة تدعو إلى تخصيص الذين أوتوا الكتاب باليهود والنصارى كما ذهب إليه بعض المفسرين ، لأن وصية اللّه بالتقوى لم تزل مذ أوجد العالم ، فليست مخصوصة باليهود والنصارى . وإن اتقوا : يحتمل أن تكون مصدرية أي : بأن اتقوا اللّه ، وأن تكون مفسرة التقدير أي : اتقوا اللّه لأن وصينا فيه معنى القول .

{وَإِن تَكْفُرُواْ } ظاهره الخطاب لمن وقع له الخطاب بقوله : وإياكم ، وهم هذه الأمة ، ويحتمل أن يكون شاملاً للذين أوتوا الكتاب وللمخاطبين ، وغلب الخطاب على ما تقرر في لسان العرب كما تقول : قلت لزيد ذلك لا تضرب عمراً ، وكما تقول : زيد وأنت تخرجان .

﴿ ١٣١