١٦٤ورسلا قد قصصناهم . . . . . {وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ } أي ذكرنا أخبارهم لك . {وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ } روي من حديث أبي ذر : أنه سئل عن المرسلين ، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :{ كَانَ الْمُرْسَلُونَ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} قال القرطبي : هذا أصح ما روي في ذلك ، خرجه الآجريّ وأبو حاتم البستي في مسند صحيح له . وفي حديث أبي ذر هذا : أنه سأله كم كان الأنبياء ؟ فقال :{ مِاْئَةِ أَلْفٍ نَّبِىٍّ فِى قَرْيَةٍ مّن نَّبِىٍّ} وروي عن أنس :{ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث على أثر ثمانية آلف من الأنبياء منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل} وروي عن كعب الأحبار أنه قال : الأنبياء ألف ألف وأربعمائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً . و قال ابن عطية : ما ذكر من عدد الأنبياء غير صحيح ، واللّه أعلم بعدتهم انتهى . وانتصاب ورسلاً على إضمار فعل أي : قد قصصنا رسلاً عليك ، فهو من باب الاشتغال . والجملة من قوله : قد قصصناهم ، مفسرة لذلك الفعل المحذوف ، ويدل على هذا قراءة أبي ورسلُ بالرفع في الموضعين على الابتداء . وجاز الابتداء بالنكرة هنا ، لأنه موضع تفصيل كما أنشدوا : فثوب لبست وثوب أجر . وقال امرؤ القيس : بشق وشق عندنا لم يحوّل ومن حجج النصب على الرفع كون العطف على جملة فعلية وهي : وآتينا داود زبوراً . و قال ابن عطية : الرفع على تقدير وهم : رسل ، فعلى قوله يكون قد قصصناهم جملة في موضع الصفة . وجوّزوا أيضاً نصب ورسلاً من وجهين : أحدهما : أن يكون نصباً على المعنى ، لأن المعنى : إنا أرسلناك وأرسلنا رسلاً ، لأن الرد على اليهود إنما هو في إنكارهم إرسال الرسل واطراد الوحي . {وَكَلَّمَ اللّه مُوسَى تَكْلِيماً } هذا إخبار بأن اللّه شرف موسى بكلامه ، وأكد بالمصدر دلالة على وقوع الفعل على حقيقته لا على مجازه ، هذا هو الغالب . وقد جاء التأكيد بالمصدر في المجاز ، إلا أنه قليل . فمن ذلك قول هند بنت النعمان بن بشير الأنصاري : بكى الخز من عوف وأنكر جلده وعجت عجيجاً من جذام المطارف وقال ثعلب : لولا التأكيد بالمصدر لجاز أن تقول : قد كلمت لك فلاناً بمعنى كتبت إليه رقعة وبعثت إليه رسولاً ، فلما قال : تكليماً لم يكن إلا كلاماً مسموعاً من اللّه تعالى . ومسألة الكلام مما طال فيه الكلام واختلاف فيها علماء الإسلام ، وبهذه المسألة سمي علم أصول الدين بعلم الكلام ، وهي مسألة يبحث عنها في أصول الدين . وقرأ إبراهيم بن وثاب : وكلم اللّه بالنصب على أن موسى هو المكلم . ومن بدع التفاسير أنه من الكلم ، وأنّ معناه : وجرح اللّه موسى بأظفار المحن ومخالب الفتن . وقال كعب : كلم اللّه موسى بالألسنة كلها ، فجعل موسى يقول : رب لا أفهم ، حتى كلمه بلسان موسى آخر الألسنة . |
﴿ ١٦٤ ﴾