٨٠

ترى كثيرا منهم . . . . .

{تَرَى كَثِيراً مّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } الظاهر عود الضمير في : منهم ، على بني إسرائيل فقال مقاتل : كثيراً منهم هو من كان بحضرة الرسول صلى اللّه عليه وسلم يتولون الكفار وعبدة الأوثان ، والمراد كعب بن الأشرف وأصحابه الذين استجلبوا المشركين على الرسول ، وعلى هذا يكون ترى بصرية ، ويحتمل أن تكون من رؤية القلب ، فيحتمل أن يراد أسلافهم أي : ترى الآن إذ أخبرناك .

وقيل : كثيراً منهم منافقو أهل الكتاب كانوا يتولون المشركين .

وقيل : هو كلام منقطع من ذكر بني إسرائيل عني به المنافقون تولوا اليهود روي ذلك عن ابن عباس ومجاهد .

{لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّه عَلَيْهِمْ } تقدّم الكلام على إعراب ما

قال الزمخشريفي قوله : أن سخط اللّه ، أنه هو المخصوص بالذم ومحله الرفع كأنه قيل : لبئس زادهم إلى الآخرة سخط اللّه عليهم ، والمعنى موجب سخط اللّه عليهم انتهى . ولا يصح هذا الإعراب إلا على مذهب الفرّاء ، والفارسي في أنّ ما موصولة ، أو على مذهب من جعل في بئس ضميراً ، وجعل ما تمييزاً بمعنى شيئاً ، وقدّمت صفة التمييز .

وأما على مذهب سيبويه فلا يستوي ذلك ، لأن ما عنده اسم تام معرفة بمعنى الشيء ، والجملة بعده صفة للمخصوص المحذوف ، والتقدير : لبئس الشيء قدّمت لهم أنفسهم ، فيكون على هذا أن سخط اللّه في موضع رفع بدل من ما انتهى . ولا يصح هذا سواء كانت موصولة ، أم تامة ، لأن البدل يحل محل المبدل منه ، وأن سخط لا يجوز أن يكون فاعلاً لبئس ، لأن فاعل نعم وبئس لا يكون أن والفعل .

وقيل : إن سخط في موضع نصب بدلاً من الضمير المحذوف في قدّمت ، أي : قدّمته كما تقول : الذي ضربت زيداً أخوك تريد ضربته زيداً .

وقيل : على إسقاط اللام أي : لأن سخط .

{وَفِى الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ } لما ذكر ما قدّموا إلى الآخرة زاداً ، وذمّه بأبلغ الذم ، ذكر ما صاروا إليه وهو العذاب وأنهم خالدون فيه ، وأنه ثمرة سخط اللّه ، كما أن السخط ثمرة العصيان

﴿ ٨٠