٨٤وما لنا لا . . . . . {وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّه وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقّ } هذا إنكار واستبعاد لانتفاء الإيمان منهم مع قيام موجبة وهو عرفان الحق . قال الزمخشري والتبريزي : وموجب الإيمان هو الطمع في دخولهم مع الصالحين ، والظاهر أن قولهم ذلك هو الظاهر لأنفسهم على سبيل المكالمة معها لدفع الوساوس والهواجش ، إذ فراق طريقة وسلوك أخرى لم ينشأ عليها مما يصعب ويشق ، أو قول بعض من آمن لبعض على سبيل التثبت أيضاً ، أو قولهم ذلك على سبيل المحاجة لمن عارضهم من الكفار ، لما رجعوا إليهم ولا موهم على الإيمان أي ، وما يصدنا عن الإيمان باللّه وحده . وقد لاح لنا الصواب وظهر الحق النير . وروي عن ابن عباس أن اليهود أنكروا عليهم ولاموهم فأجابوهم بذلك و { لاَ نُؤْمِنُ } في موضع الحال ، وهي المقصودة وفي ذكرها فائدة الكلام ، وذلك كما تقول : جاء زيد راكباً جواباً لمن قال : هل جاء زيد ماشياً أو راكباً ، والعامل فيها هو متعلق به الجار والمجرور ، رأي : أي شيء يستقرّ لنا ويجعل في انتفاء الإيمان عنا ، وفي مصحف عبد اللّه وما لنا لا نؤمن باللّه وما أنزل علينا ربنا ونطمع وينبغي أن يحمل ذلك على تفسير قوله تعالى { وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقّ } لمخالفته ما أجمع عليه المسلمون من سواد المصحف . {وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ } الأحسن والأسهل أن يكون استئناف إخبار منهم بأنهم طامعون في إنعام اللّه عليهم بدخولهم مع الصالحين ، قالوا وعاطفة جملة على جملة ، و { مَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ } لا عاطفة على نؤمن أو على لا نؤمن ولا على أن تكون الواو واو الحال ولم يذكر ابن عطية غير هذا الوجه . وقال الزمخشري : والواو في { وَنَطْمَعُ } واو الحال ، والعامل في الحال معنى الفعل العامل في { لاَ نُؤْمِنُ } ن ، ولكن مفيداً بالحال الأولى لأنك لو أزلتها وقلت : وما لنا نطمع لم يكن كلاماً ، انتهى وماذكره من أن الحالين العامل فيهما واحد وهو ما في اللام من معنى الفعل ، كأنه قيل : أي شيء حصل لنا غير مؤمنين طامعين ليس بجيد ، لأن الأصح أنه لا يجوز أن يقضي العامل حالين لذي حال واحد لا بحرف عطف إلا أفعل التفضيل ، فالأصح أنه يجوز فيه ذلك ، وذوا الحال هنا واحد وهو الضمير المجرور بلام لنا ، ولأنه أيضاً تكون الواو دخلت على المضارع ، ولا تدخل واو الحال على المضارع إلا بتأويل ، فيحتاج أن يقدر : ونحن نطمع . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون { وَنَطْمَعُ } حالاً من { لاَ نُؤْمِنُ } على أنهم أنكروا على أنفسهم لأنهم لا يوحدون اللّه ، ويطمعون مع ذلك أن يصحبوا الصالحين ، انتهى . وهذا ليس بجيد لأن فيه دخول واو الحال على المضارع ويحتاج إلى تأويل . وقال الزمخشري : وأن يكون معطوفاً على { لاَ نُؤْمِنُ } على معنى وما لنا لا نجمع بين التثليث وبين الطمع في صحبة الصالحين أو على معنى : وما لنا لا نجمع بينهما بالدخول في الإسلام لأن الكافر ما ينبغي له أن يطمع في صحبة الصالحين ، انتهى . ويظهر لي وجه غير ما ذكروه وهو أن يكون معطوفاً على نؤمن على أنه منفي كنفي نؤمن ، التقدير : وما لنا لا نؤمن ولا نطمع فيكون في ذلك إنكار لانتفاء إيمانهم وانتفاء طمعهم مع قدرتهم على تحصيل الشيئين : الإيمان والطمع في الدخول مع الصالحين و { مَّعَ } على بابها من المعية ، وقيل : بمعنى في والصالحون أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، قاله ابن عباس أو الرسول وأصحابه ، قاله ابن زيد ، أو المهاجرون الأولون ، قاله مقاتل . وقيل : التقدير أن يدخلنا الجنة |
﴿ ٨٤ ﴾