٨٥فأثابهم اللّه بما . . . . . {فَأَثَابَهُمُ اللّه بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاْنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذالِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ } ظاهره أن الإثابة بما ذكر مترتبة على مجرد القول ، ولا بد أن يقترن بالقول الإعتقاد ويبين أنه مقترن به أنه قال :{ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقّ } فوصفهم بالمعرفة ، فدل على اقتران القول بالعلم ، وقال :{ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ } فإما أن يكون من وضع الظاهر موضع المضمر تنبيهاً على هذا الوصف بهم ، وأنهم أثيبوا لقيام هذا الوصف بهم ، وهو رتبة الإحسان ، وهي التي فسرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقوله :{ أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } ولا إخلاص ولا علم أرفع من هذه الرتبة ، وإما أن يكون أريد به العموم فيكونون قد اندرجوا في المحسنين على أن هذه الإثابة لم تترتب على مجرد القول اللفظي ، ولذلك فسره الزمخشري بقوله بما قالوا بما تكلموا به من اعتقاد وإخلاص من قولك : هذا قول فلان أي اعتقاده وما يذهب إليه انتهى . وفسروا هذا القول بقولهم : { وما لنا لا نؤمن باللّه } والذي يظهر أنه عنى به قولهم { يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } لأنه هو الصريح في إيمانهم ، وأما قوله :{ لاَ نُؤْمِنُ بِاللّه } فليس فيه تصريح بإيمانهم ، وإنما هو إنكار على انتفاء الإيمان منهم مع قيام موجبه ، فلا تترتب عليه الإثابة . وقرأ الحسن { فَأَتَاهُمُ } من الإيتاء بمعنى الإعطاء لا من الإثابة ، والإثابة أبلغ من الإعطاء ، لأنه يلزم أن يكون عن عمل بخلاف الإعطاء ، فإنه لا يلزم أن يكون عن عمل ولذلك جاء أخيراً{ وَذالِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ } نبه على أن تلك الإثابة هي جزاء ، والجزاء لا يكون إلا عن عمل |
﴿ ٨٥ ﴾