١٠١

بديع السماوات والأرض . . . . .

{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ } تقدّم تفسيره في البقرة .

{أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ } أي كيف يكون له ولد ؟ وهذه حاله أي إن الولد إنما يكون من الزوجة وهو لا زوجة له ولا ولد ،

وقرأ النخعي : ولم يكن بالياء ووجه على أن فيه ضميراً يعود على اللّهأو على أن فيه ضمير الشأن ، والجملة في هذين الوجهين في موضع خبر { تَكُنْ } أو على ارتفاع { صَاحِبَةٌ } بتكن وذكر للفصل بين الفعل والفاعل كقوله :

لقد ولد الأخيطل أم سوء

وحضر للقاضي امرأة .

و

قال ابن عطية : وتدكيرها وأخواتها مع تأنيث اسمها أسهل من ذلك في سائر الأفعال . انتهى ، ولا أعرف هذا عن النحويين ، ولم يفرقوا بين كان وغيرها والظاهر ارتفاع بديع على أنه خبر مبتدأ أي هو بديع فيكون الكلام جملة واستقلال الجملة بعدها ، وجوزوا أن يكون بديع مبتدأ والجملة بعده خبره فيكون انتفاء الولدية من حيث المعنى بجهتين : إحداهما : انتفاء الصاحبة ، والأخرى : كونه بديعاً أي عديم المثل ومبدعاً لما

خلق ومن كان بهذه الصفة لا يمكن أن يكون له ولد لأن تقدير الولدية وتقدير الإبداع ينافي الولدية ، وهذه الآية رد على الكفار بقياس الغائب على الشاهد ،

وقرأ المنصور : بديع بالجر رداً على قوله : { جَعَلُواْ للّه } أو على { سُبْحَانَهُ}

وقرأ صالح الشامي : بديع بالنصب على المدح .

{وَخَلَقَ كُلَّ شَىْء } قيل : هذا عموم معناه الخصوص أي وخلق العالم فلا تدخل فيه صفاته ولا ذاته كقوله :{ وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْء } ولا تسع إبليس ولا من مات كافراً وتدمر كل شيء ولم تدمر السموات والأرض ،

قال ابن عطية : ليس هو عموماً مخصصاً على ما ذهب إليه قوم لأن العموم المخصص هو أن يتناول العموم شيئاً ثم يخرجه بالتخصيص ، وهذا لم يتناول قط هذا الذي ذكرناه وإنما هو بمنزلة قول الإنسان : قتلت كل فارس وأفحمت كل خصم فلم يدخل القاتل قط في هذا العموم الظاهر من لفظه ،

قال الزمخشري : وفيه إبطال الولد من ثلاثة أوجه :

أحدها : أن مبتدع السموات والأرض وهي أجسام عظيمة لا يستقيم أن يوصف بالولادة ، لأن الولادة من صفات الأجسام ومخترع الأجسام لا يكون جسماً حتى يكون والداً ،

والثاني : إن الولادة لا تكون إلا بين زوجين من جنس واحد ، وهو تعالى متعال عن مجانس فلم يصح أن تكون له صاحبة فلم تصح الولادة ، و

الثالث : أنه ما من شيء إلا وهو خالقه والعالم به ومن كان بهذه الصفة كان غنياً عن كل شيء والولد إنما يطلبه المحتاج .

{وَهُوَ بِكُلّ شَىْء عظِيمٌ }

قال ابن عطية : هذا عموم على الإطلاق لأن اللّه تعالى يعلم كل شيء ، وقال التبريري :{ بِكُلّ شَىْء } من الواجب والممكن والممتنع .

﴿ ١٠١