١١١

ولو أننا نزلنا . . . . .

قبل : جمع قبيل كرغيف ورغف ، ومعناه جماعة أو كقبل أو مفرد بمعنى قبل ، أي مواجهة ومقابلة ويكون قبل ظرف أيضاً .

الزخرف الزينة ، قاله الزجاج .

وقال أبو عبيدة : كل ما حسنته وزينته وهو باطل فهو زخرف انتهى . والزخرف الذهب . صغوت وصغيت وصغيت بكسر الغين فمصدر الأول صغوا والثاني صغاً ، والثالث صغاً ، ومضارعها يصغي بفتح الغين ، وهي لازمة ، وأصغى مثلها لازم ويأتي متعدّياً بكون الهمزة فيه للنقل ، قال الشاعر في اللازم : ترى السفيه به عن كل محكمة

زيغ وفيه إلى التشبيه إصغاء

وقال في المتعدّي : أصاخ من نبأة أصغى لها أذنا

صماخها بدسيس الذوق مستور

وأصله الميل يقال : صغت النجوم : مالت للغروب . وفي الحديث :  { فأصغى لها الإناء} .

قال أبو زيد :

ويقال : صغوه معك وصغوه وصغاه .

ويقال : أكرموا فلاناً في صاغيته أي في قرابته الذين يميلون إليه ويطلبون ما عنده .

اقترف اكتسب وأكثر ما يكون في الشر والذنوب .

ويقال : خرج يقترف لأهله : أي يكتسب لهم ، وقارف فلان الأمر : أي واقعه وقرفه بكذا رماه بريبة ، واقترف كذباً وأصله اقتطاع قطعة من الشيء .

خرص حزر وقال بغير تيقن ولا علم ومنه خرص بمعنى كذب وافتى خرصاً وخروصاً .

وقال الأزهري : وأصله التظني فيما لا يستيقن .

الشرح البسط والتوسعة .

قال الليث يقال : شرح اللّه صدره فانشرح .

وقال ابن الأعرابي : الشرح الفتح .

وقال ابن قتيبة : ومنه شرحت لك الأمر وشرحت اللحم فتحته .

الضيق فيعل من ضاق الشيء انضمت أجزاؤه إذا كان مجوفاً .

الحرج : اسم فاعل من حرج إذا اشتد ضيقه ، وبالفتح المصدر ، قاله الزجاج وأبو علي .

وقال الفراء : هما بمنزلة الواحد والوحد والفرد ، والفرد والدنف والدنف يعني أنهما وصفان انتهى . وأصله من الحرجة وهي شجرة تحف بها الأشجار حتى تمنع الداعي أن يصل إليها .

وقال أبو الهيثم : الحراج غياض من شجر السلم ملتفة واحدها حرجة لا يقدر أحد أن يدخل فيها أو ينفذ .

{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْء قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّه} أي لو أتيناهم بالآيات التي اقترحوها من إنزال الملائكة في قولهم { لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } وتكليم الموتى إياه في قولهم { فَأْتُواْ بِئَابَائِنَا } وفي قولهم أخي قصي بن كلاب وجدعان بن عمرو ، وهما أمينا العرب ، والوسطان فيهم . وحشر كل شيء عليهم من السباع والدواب والطيور وشهادتهم بصدق الرسول .

وقال الزمخشري :{ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْء } قالوا :{أَوْ تَأْتِىَ بِاللّه وَالْمَلَئِكَةِ قَبِيلاً}

وقرأ نافع وابن عامر قبلاً بكسر القاف وفتح الباء ، ومعناه مقابلة أي عياناً ومشاهدة . قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد ، ونصبه على الحال .

وقال المبرد : معناه ناحية كما تقول : زيد قبلك ، ولي قبل فلان دين ، فانتصابه على الظرف وفيه بعد .

وقرأ باقي السبعة قبلاً بضم القاف والباء . فقال مجاهد وابن زيد وعبد اللّه بن يزيد : جمع قبيل وهو النوع ، أي نوعاً نوعاً وصنفاً صنفاً .

وقال الفراء والزجاج : جمع قبيل بمعنى كفيل أي : كفلاً بصدق محمد . يقال قبلت الرجل أقبله قبالة ، أي كفلت به والقبيل والكفيل والزعيم والأدين والحميل والضمين بمعنى واحد .

وقيل قبلاً بمعنى قبلاً أي مقابلة ومواجهة . ومنه أتيتك قبلاً لا دبراً . أي من قبل وجهك .

وقال تعالى :{ إِن كَانَ قَمِيصُهُ مِن قَبْلُ } وقرىء لقبل عدتهن : أي لاستقبالها ومواجهتها . وهذا القول عندي أحسن لاتفاق القراءتين .

وقرأ الحسن وأبو رجاء وأبو حيوة ، قبلاً بضم القاف وسكون الباء على جهة التخفيف من الضم .

وقرأ أبيّ والأعمش قبيلاً بفتح القاف وكسر الباء وياء بعدها ، وانتصابه في هذه القراءة على الحال .

وقرأ ابن مصرّف بفتح القاف وسكون الباء وجواب { لَوْ }{ مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } وقدره الحوفي لما كانوا قال : وحذفت اللام وهي مراده ، ولبس قوله بجيد لأن المنفي بما إذا وقع جواباً للوفا لأكثر في

لسان العرب ، أن لا تدخل اللام على ما وقل دخولها على ما ، فلا تقول إن اللام حذفت منه بل إنما أدخلوها على ما تشبيهاً للمنفى بما بالموجب ، ألا ترى أنه إذا كان النفي بلم لم تدخل اللام على لم فدل على أن أصل المنفي أن لا تدخل عليه اللام و { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } أبلغ في النفي من لم يؤمنوا لأن فيه نفي التأهل والصلاحية للإيمان ، ولذلك جاءت لام الجحود في الخبر وإلا أن يشاء اللّه استثناء متصل من محذوف هو علة . وسبب التقدير { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } لشيء من الأشياء إلا لمشيئة اللّه . وقدره بعضهم في كل حال إلا في حال مشيئة اللّه ومن ذهب إلى أنه استثناء منقطع كالكرماني وأبي البقاء والحوفي . فقوله فيه بعد إذ هو ظاهر الاتصال أو علق إيمانهم بمشيئة اللّه دليل على ما يذهب إليه أهل السنة من أن إيمان العبد واقع بمشيئة اللّه ، وحمل ذلك المعتزلة على مشيئة الإلجاء والقهر . ولذلك

قال الزمخشري : مشيئة إكراه واضطرار ، والظاهر أن الضمير في { أَكْثَرُهُمْ } عائد على ما عادت عليه الضمائر قيل من الكفار أي يجهلون الحق ، أو يجهلون أنه لا يجوز اقتراح الآيات بعد أن رأوا آية واحدة ، أو يجهلون أن كلاًّ من الإيمان والكفر هو بمشيئة اللّه وقدره .

وقال الزمخشري يجهلون فيقسمون باللّه جهد أيمانهم على ما لا يشعرون من حال قلوبهم عند نزول الآيات . قال أو لكن أكثر المسلمين يجهلون أن هؤلاء لا يؤمنون إلا أن يضطرهم فيطمعون في إيمانهم إذا جاءت الآية المقترحة .

وقال غيره من المعتزلة يجهلون أنهم يبقون كفاراً عند ظهور الآيات التي اقترحوها .

وقال الجبائي { إِلاَّ أَن يَشَاء اللّه } يدل على حدوث مشيئة اللّه إذ لو كانت قديمة لم يجز أن يعلق عليها الحادث لأنها شرط ويلزم من حصول المشروط حصول الشرط والحسن دل على حدوث الإيمان فوجب كون الشرط حادثاً وهو المشيئة .

وأجاب أبو عبد اللّه الرازي بأن المشيئة وإن كانت قديمة تعلقها بإحداث ذلك المحدث في الحالة إضافة حادثة انتهى . وهذه الآية مؤيسة من إيمان هؤلاء الذين اقترحوا الآيات إلا من شاء اللّه منهم . ولذلك جاء قوله :{ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّه } وهم من ختم له بالسعادة فآمن منهم .

﴿ ١١١