٧٧فعقروا الناقة وعتوا . . . . . {فعقروا النّاقة } نسب العقر إلى الجميع وإن كان صادراً عن بعضهم لما كان عقرها عن تمالىء واتفاق حتى روي أنّ قداراً لم يعقرها إلا عن مشاورة الرّجال والنساء والصبيان فأجمعوا على ذلك وسبب عقرها أنها كانت إذا وقع الحر نصبت بظهر الوادي فتهرب منها أنعامهم فتهبط إلى بطنه وإذا وقع البرد تلبث ببطن الوادي فتهرب مواشيهم إلى ظهره فشقّ ذلك عليهم وكانت تستوفي ماءهم شرباً ويحلبونها ما شاء اللّه حتى ملوها وقالوا ما نصنع باللبن الماء أحبّ إلينا منه وقال لهم صالح يوماً إنّ هذا الشهر يولد فيه مولود يكون هلاككم على يديه فولد لعشرة نفر فذبح التّسعة أولادهم وبقي العاشر وهو سالف بن قدار وكان قدار أحمر أزرق قصيراً ولذلك قال بعض شعراء الجاهلية : فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم قال الشّراح غلط وإنما هو أحمر ثمود وهو قدار وكان يشبّ في اليوم شباب غيره في السّنة وكان التسعة إذا رأوه قالوا : لو عاش بنونا كانوا مثل هذا فأحفظهم أن قتلوا أولادهم بكلام صالح فأجمعوا على قتله فكمنوا له في غار ليبيتوه ، ويأتي خبر التبييت وما جرى لهم في سورة النمل إن شاء اللّه ، وروي أنّ السبب في عقرها أن امرأتين من ثمود من أعداء صالح وهما عنيزة بنت غنم أم مجلز زوجة ذؤاب بن عمرو وتكنّى أم غنم عجوز ذات بنات حسان ومال من إبل وبقر وغنم وصدوف بنت المحيّا جميلة غنية ذات مواش كثيرة فدعت عنيزة على عقرها قداراً على أن تعطيه أيّ بناتها شاء وكان عزيزاً منيعاً في قومه ودعت صدوف رجلاً من ثمود يقال له الحباب إلى ذلك وعرضت نفسها عليه إن فعل فأبى فدعت ابن عم لها يقال له مصدع بن مهرج بن المحيا لذلك وجعلت له نفسها فأجاب قدار ومصدع واستغويا سبعة نفر فكانوا تسعة رهط فرصدوا الناقة حين صدرت عن الماء وكمن قدار في أصل صخرة ومصدع في أصل أخرى فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها وخرجت أم غنم عنيزة بابنتها وكانت من أحسن النساء فسفرت لقدار ثم مرت الناقة به فشدّ عليها بالسيف فكشف عرقوبها فخرت ورغت رغاة واحدة فطعن في لبّتها ونحرها وخرج أهل البلدة فاقتسموا لحمها وطبخوه وذكروا لسبقها حكاية اللّه أعلم بصحتها ، وقيل سبب عقرها أنّ قداراً شرب الخمر وطلبوا ماء لمزجها فلم يجدوه لشرب الناقة فعزموا على عقرها وكمن لها فرماها بالحرية ثم سقطت فعقرها ، وقال بعض شعراء العرب وقد ذكر قصة الناقة : فأتاها أحيمر كأخي السه م بعضب فقال كوني عقيرا {وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ } أي استكبروا عن امتثال أمر ربهم وهو ما أمر به تعالى على لسان صالح من قوله { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِى أَرْضِ اللّه } ولا تمسّوها بسوء ومن اتباع أمر اللّه وهو دينه وشرعه ويجوز أن يكون المعنى صدر عتوهم عن أمر ربهم كأنّ أمر ربهم بتركها كان هو السبب في عتوّهم ونحو عن هذه ما في قوله { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى} {وَقَالُواْ يأَيُّهَا صَالِحٌ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } أي من العذاب لأنه كان سبق منه ولا تمسّوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم فاستعجلوا ما وعدهم به من ذلك إذ كانوا مكذبين له في الإخبار بذلك الوعيد وبغيره ولذلك علقوه بما هم به كافرون وهو كونه من المرسلين ، وقرأ ورش والأعمش { أَن قَالُواْ ائْتِنَا } وأبو عمرو إذا أدرج بإبدال همزة فاء { ائْتِنَا } واو الضمة جاء صالح ، وقرأ باقي السبعة بإسكانها وفي كتاب ابن عطية قال أبو حاتم : قرأ عيسى وعاصم أوتنا بهمز وإشباع ضمّ انتهى ، فلعله عاصم الجحدري لا عاصم بن أبي النجود أحد قراء السبعة . |
﴿ ٧٧ ﴾