٨٢

وما كان جواب . . . . .

{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مّن قَرْيَتِكُمْ } الضمير في { أَخْرِجُوهُم } عائد على لوط ومن آمن به ولما تأخر نزول هذه السورة عن سورة النمل أضمر ما فسره الظاهر في النمل من قوله { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ } وآل لوط ابنتاه وهما رغواء وريفاء ومن تبعه من المؤمنين ،

وقيل : لم يكن معه إلا ابنتاه كما

قال تعالى :{ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مّنَ الْمُسْلِمِينَ } و

قال ابن عطية : والضمير عائد على آل لوط وأهله وإن كان لم يجر لهم ذكر فإن المعنى يقتضيهم ،

وقرأ الحسن { جَوَابَ } بالرفع انتهى وهنا جاء العطف بالواو والمراد بها أحد محاملها الثلاث من التعقيب المعني في النمل في قوله { تَجْهَلُونَ } فما وفي العنكبوت { وَتَأْتُونَ فِى نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ } فما وكان التعقيب مبالغة في الرد حيث لم يمهلوا في الجواب زماناً بل أعجلوه بالجواب سرعة وعدم البراءة بما يجاوبون به ولم يطابق الجواب قوله لأنه لما أنكر عليهم الفاحشة وعظم أمرها ونسبهم إلى الإسراف بادروا بشيء لا تعلّق له بكلامه وهو الأمر بالإخراج ونظيره جواب قوم إبراهيم بأن قالوا { حَرّقُوهُ وَانصُرُواْ ءالِهَتَكُمْ } حتى قبح عليهم بقوله { أُفّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّه أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } فأتوا بجواب لا يطابق كلامه والقرية هي سدوم سميت باسم سدوم بن باقيم الذي يضرب المثل في الحكومات هاجر لوط مع عمه إبراهيم من أرض بابل فنزل إبراهيم أرض فلسطين وأنزل لوطاً الأردن .

{إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } قال ابن عباس ومجاهد يتقذّرون عن إتيان أدبار الرجال والنساء ،

وقيل يأتون النساء في الأطهار ، وقال ابن بحر : يرتقبون أطهار النساء فيجامعونهنّ فيها ،

وقيل : يتنزهون عن فعلتا وهو معنى قول ابن عباس ومجاهد ،

وقيل : يغتسلون من الجنابة ويتطهرون بالماء عيروهم بذلك ويسمى هذا النوع في

علم البيان التعريض بما يوهم الذمّ وهو مدح كقوله : ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم

بهنّ فلول من قراع الكتائب

ولذلك قال ابن عباس : عابوهم بما يمدح به ، والظاهر أن قوله { أَنَّهُمْ } تعليل للإخراج أي لأنهم لا يوافقوننا على ما نحن عليه ومن لا يوافقنا وجب أن نخرجه ،

وقال الزمخشري : وقولهم { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } سخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش وافتخار بما كانوا فيه من القذارة كما يقول الشيطان من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم أبعدوا عنا هذا المتقشف وأريحونا من هذا المتزهّد .

﴿ ٨٢