١٦{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّه الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ } تقدّم تفسير نظير هذه الجملة ، والمعنى : أنكم لا تتركون على ما أنتم عليه حتى يتبين الخلَّص منكم وهم المجاهدون في سبيل اللّه الذين لم يتخذوا بطانة من دون اللّه من غيرهم . {وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّه وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً } ولم يتخذوا معطوف على جاهدوا . غير متخذين وليجة ، والوليجة فعيلة من ولج كالدخيلة من دخل ، وهي البطانة . والمدخل يدخل فيه على سبيل الاستسرار ، شبه النفاق به . وقال قتادة : الوليجة الخيانة . وقال الضحاك : الخديعة . وقال عطاء : الأودّاء . وقال الحسن : الكفر والنفاق . وقال أبو عبيدة : كل شيء أدخلته في شيء وليس منه فهو وليجة ، والرجل يكون في القوم وليس منهم ، وليجة يكون للواحد والاثنين والجمع بلفظ واحد . وليجة الرجل من يختص بدخيلة أمره من الناس ، وجمعها ولائج وولج ، كصحيفة وصحائف وصحف . وقال عبادة بن صفوان الغنوي : ولائجهم في كل مبدي ومحضر إلى كل من يرجى ومن يتخوف وفي هذه الآية طعن على المنافقين الذين اتخذوا الولائج لا سيما عند فرض القتال ، والمعنى : لا بد من اختباركم أيها المؤمنون كقوله :{ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } ولما كان الرجل قد يجاهد وهو منافق نفى هذا الوصف عنه ، فبين أنه لا بد للجهاد من الإخلاص خالياً عن النفاق والرياء والتودّد إلى الكفار . {وَاللّه خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } قرأ الجمهور بالتاء على الخطاب مناسبة لقوله : أم حسبتم . وقرأ الحسن ويعقوب في رواية رويس وسلام بالياء على الغيبة التفاتاً . |
﴿ ١٦ ﴾