٢٣{عَظِيمٌ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ءابَاءكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِيَاء إِنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } كان قبل فتح مكة من آمن لم يتم إيمانه إلا بأن يهاجر ويصادم أقاربه الكفرة ويقطع موالاتهم ، فقالوا : يا رسول اللّه ، إنْ نحن اعتزلنا من يخالفنا في الدين قطعنا آباءنا وأبناءنا وعشائرنا ، وذهبت كادتنا وهلكت أموالنا ، وخرجت ديارنا ، ويقينا ضائعين ، فنزلت . فهاجروا فجعل الرجل يأتيه ابنه أو أبوه أو أخوه أو بعض أقاربه فلا يلتفت إليه ولا ينزله ولا ينفق عليه ، ثم رخص لهم بعد ذلك . فعلى هذا الخطاب للمؤمنين الذين كانوا بمكة وغيرها من بلاد العرب خوطبوا أن لا يوالوا الآباء والإخوة ، فيكونوا لهم تبعاً في سكنى بلاد الكفر . وقيل : نزلت في التسعة الذين ارتدوا ولحقوا بمكة ، فنهى اللّه المؤمنين عن موالاتهم . وذكر الآباء والإخوان لأنهم أهل الرأي والمشورة ، ولم يذكر الأبناء لأنهم في الغالب تبع لآبائهم . وقرأ عيسى بن عمران : استحبوا بفتح الهمزة جعله تعليلاً ، وغيره بكسر الهمزة جعله شرطاً . ومعنى استحبوا : آثروا وفضلوا ، استفعل من المحبة أي طلبوا محبة الكفر . وقيل : بمعنى أحب . وضمن معنى اختار وآثر ، ولذلك عديَ بعلى . ولما نهاهم عن اتخاذهم أولياء أخبر أن من تولاهم فهو ظالم ، فقال ابن عباس : هو مشرك مثلهم ، لأنّ من رضي بالشرك فهو مشرك . قال مجاهد : وهذا كله كان قبل فتح مكة . و قال ابن عطية : وهذا ظلم المعصية لا ظلم الكفر . |
﴿ ٢٣ ﴾