٨٥{وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه أَن يُعَذّبَهُمْ بِهَا فِى الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} تقدّم نظير هذه الآية وأعيد ذلك لأن تجدد النزول له شأن في تقرير ما نزل له وتأكيده ، وإرادة أن يكون على بال من المخاطب لا ينساه ولا يسهو عنه ، وأن يعتقد أن العمل به مهم يفتقر إلى فضل عناية به ، لا سيما إذا تراخى ما بين النزولين . فأشبه الشيء الذي أهم صاحبه ، فهو يرجع إليه في أثناء حديثه ، ويتخلص إليه . وإنما أعيد هذا المعنى لقوته فيما يجب أن يحذر منه قاله : الزمخشري . و قال ابن عطية : ووجه تكريرها توكيد هذا المعنى . وقال أبو علي : ظاهره أنه تكرير وليس بتكرير ، لأن الآيتين في فريقين من المنافقين ، ولو كان تكريراً لكان مع تباعد الآيتين لفائدة التأكيد والتذكير . وقيل : أراد بالأولى لا تعظمهم في حال حياتهم بسبب كثرة المال والولد ، وبالثانية لا تعظمهم بعد وفاتهم لمانع الكفر والنفاق . وقد تغايرت الآيتان في ألفاظ هنا ، ولا ، وهناك ، فلا ومناسبة الفاء أنه عقب قوله : ولا ينفقون إلا وهم كارهون أي : للإنفاق ، فهم معجبون بكثرة الأموال والأولاد ، فنهاه عن الإعجاب بفاء التعقيب . ومناسبة الواو أنه نهي عطف على نهي قبله . ولا تصل ، ولا تقم ، ولا تعجبك ، فناسبت الواو وهنا وأولادهم وهناك ، ولا أولادهم ، فذكر لا مشعر بالنهي عن الإعجاب بكل واحد واحد على انفراد . ويتضمن ذلك النهي عن المجموع ، وهنا سقطت ، فكان نهياً عن إعجاب المجموع . ويتضمن ذلك النهي عن الإعجاب بكل واحد واحد . فدلت الآيتان بمنطوقهما ومفهومهما على النهي عن الإعجاب بالأموال والأولاد مجتمعين ومنفردين . وهنا أن يعذبهم ، وهناك ليعذبهم ، فأتى باللام مشعرة بالتعليل . ومفعول يريد محذوف أي : إنما يريد اللّه ابتلاءهم بالأموال والأولاد لتعذيبهم . وأتى بأن لأنّ مصب الإرادة هو التعذيب أي : إنما يريد اللّه تعذيبهم . فقد اختلف متعلق الفعل في الآيتين هذا الظاهر ، وإن كان يحتمل زيادة اللام . والتعليل بأنّ وهناك الدنيا ، وهنا في الحياة الدنيا ، فأثبت في الحياة على الأصل ، وحذفت هنا تنبيهاً على خسة الدنيا ، وأنها لا تستحق أن تسمى حياة ، ولا سيما حين تقدمها ذكر موت المنافقين ، فناسب أنْ لا تسمى حياة . |
﴿ ٨٥ ﴾