٩٩{وَمِنَ الاْعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّه وَالْيَوْمِ الاْخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّه وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ } : نزلت في بني مقرن من مزينة قاله مجاهد . وقال عبد الرحمن بن مغفل بن مقرن : كنا عشرة ولد مقرن فنزلت : ومن الأعراب من يؤمن الآية يريد : الستة والسبعة الإخوة على الخلاف في عددهم وبنيهم . وقال الضحاك : في عبد اللّه ذي النجادين ورهطه . وقال الكلبي : في أسلم وغفار وجهينة . ولما ذكر تعالى من يتخذ ما ينفق مغرماً ذكر مقابله وهو من يتخذ ما ينفق مغنماً ، وذكر هنا الأصل الذي يترتب عليه إنفاق المال في القربات وهو الإيمان باللّه واليوم الآخر ، إذ جزاء ما ينفق إنما يظهر ثوابه الدائم في الآخرة . وفي قصة أولئك اكتفى بذكر نتيجة الكفر وعدم الإيمان ، وهو اتخاذه ما ينفق مغرماً وتربصه بالمؤمنين الدوائر . والأجود تعميم القربات من جهاد وصدقة ، والمعنى : يتخذه سبب وصل عند اللّه وأدعية الرسول ، وكان يدعو للمصدقين بالخير والبركة ، ويستغفر لهم كقوله صلى اللّه عليه وسلم : { اللّهم صل على آل أبي أوفى } وقال تعالى : { وَصَلّ عَلَيْهِمْ } والظاهر عطف وصلوات على قربات . قال ابن عطية : ويحتمل أن يكون وصلوات الرسول عطفاً على ما ينفق ، أي : ويتخذ بالأعمال الصالحة صلوات الرسول قربة . قال ابن عباس : صلوات الرسول هي استغفاره لهم . وقال قتادة : أدعيته بالخير والبركة سماها صلوات جرياً على الحقيقة اللغوية ، أو لأنّ الدعاء فيها ، وحين جاء ابن أبي أوفى بصدقته قال : { آجرك اللّه فيما أعطيت ، وجعله لك طهوراً } والضمير في أنها قيل : عائد على الصلوات . وقيل : عائد على النفقات . وتحرير هذا القول أنه عائد على ما على معناها ، والمعنى : قربة لهم عند اللّه . وهذه شهادة من اللّه للمتصدق بصحة ما اعتقد من كون نفقته قربات وصلوات وتصديق رجائه على طريق الاستئناف مع حرف التنبيه ، وهو ألا وحرف التوكيد هو أنّ . قال الزمخشري : وما في السين من تحقيق الوعد ، وما أدل هذا الكلام على رضا اللّه تعالى عن المتصدقين ، وأنّ الصدقة منه تعالى بمكان إذا خلصت النية من صاحبها انتهى . وتقدم الكلام معه في دعواه أنّ السين تفيد تحقيق الوعد . وقرأ ورش : قربة بضم الراء ، وباقي السبعة بالسكون ، وهما لغتان . ولم يختلفوا في قربات أنه بالضم ، فإن كان جمع قربة فجاء الضم على الأصل في الوضع ، وإن كان جمع قربة بالسكون فجاء الضم اتباعاً لما قبله ، كما قالوا : ظلمات في جمع ظلمة . |
﴿ ٩٩ ﴾