١٠٢{وَءاخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَءاخَرَ سَيّئاً عَسَى اللّه أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ } : نزلت في عشرة رهط تخلفوا عن غزوة تبوك فلما دنا الرسول صلى اللّه عليه وسلم من المدينة أوثق سبعة منهم . وقيل : كانوا ثمانية منهم : كردم ، ومرداس ، وأبو قيس ، وأبو لبابة . وقيل : سبعة . وقيل : ستة أوثق ثلاثة منهم أنفسهم بسواري المسجد ، فيهم أبو لبابة . وقيل : كانوا خمسة . وقيل : ثلاثة أبو لبابة بن عبد المنذر ، وأوس بن ثعلبة ، ووديعة بن خذام الأنصاري . وقيل : نزلت في أبي لبابة وحده . ويبعد ذلك من لفظ وآخرون ، لأنه جمع ، فدخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المسجد حين قدم فصلى فيه ركعتين ، وكانت عادته كلما قدم من سفر ، فرآهم موثقين فسأل عنهم : فذكروا أنهم أقسموا لا يحلون أنفسهم حتى يكون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هو الذي يحلهم ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : { وأنا أقسم أن لا أحلهم حتى أومر فيهم ، رغبوا عني ، وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين } فنزلت ، فأطلقهم وعذرهم . وقال مجاهد : نزلت في أبي لبابة في شأنه مع بني قريظة حين استشاروه في النزول على حكم اللّه ورسوله ، فأشار هو لهم إلى حلقه يريد أنّ الرسول صلى اللّه عليه وسلم يذبحهم إن نزلوا ، فلما افتضح تاب وندم ، وربط نفسه في سارية في المسجد ، وأقسم أن لا يطعم ولا يشرب حتى يعفو اللّه عنه أو يموت ، فمكث كذلك حتى عفا اللّه عنه . والاعتراف : الإقرار بالذنب عملاً صالحاً توبة وندماً ، وآخر سيئاً . أي تخلفاً عن هذه الغزاة قاله : الطبري ، أو خروجاً إلى الجهاد قبل . وتخلفاً عن هذه قاله : الحسن وغيره . أو توبة وإثماً قاله : الكلبي . وعطف أحدهما على الآخر دليل على أنّ كل واحد منهما مخلوط ومخلوط به ، كقولك : خلطت الماء واللبن ، وهو بخلاف خلطت الماء باللبن ، فليس فيه إلا أنّ الماء خلط باللبن ، قال معناه الزمخشري : ومتى خلطت شيئاً بشيء صدق على كل واحد منهما أنه مخلوط ومخلوط به ، من حيث مدلولية الخلط ، لأنها أمر نسبي . قال الزمخشري : ويجوز أن يكون من قولهم : بعت الشاء شاة ودرهماً ، بمعنى شاة بدرهم . والاعتراف بالذنب دليل على التوبة ، فلذلك قيل : عسى اللّه أن يتوب عليهم . قال ابن عباس : عسى من اللّه واجب انتهى . وجاء بلفظ عسى ليكون المؤمن على وجل ، إذ لفظة عسى طمع وإشفاق ، فأبرزت التوبة في صورته ، ثم ختم ذلك بما دل على قبول التوبة وذلك ، صفة الغفران والرحمة . وهذه الآية وإن نزلت في ناس . مخصوصين فهي عامة في الأمة إلى يوم القيامة . وقال أبو عثمان : ما في القرآن آية أرجى عندي لهذه الأمة من قوله : وآخرون عترافوا بذنوبهم . وفي حديث الإسراء والمعراج من تخريج البيهقي : أنّ الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر شيئا وتابوا رآهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم حول إبراهيم ، وفي ألوانهم شيء ، وأنهم خلطت ألوانهم بعد اغتسالهم في أنهر ثلاثة ، وجلسوا إلى أصحابهم البيض الوجوه . |
﴿ ١٠٢ ﴾