٥

فإذا جاء وعد . . . . .

{فَإِذَا جَآء وَعْدُ أُولَاهُمَا } أي موعد أولاهما لأن الوعد قد سبق ذلك والموعود هو العقاب .

وقال الزمخشري : معناه وعد عقاب أولاهما .

وقيل : الوعد بمعنى الوعيد .

وقيل : بمعنى الموعد الذي يراد به الوقت ، والضمير في أولاهما عائد على المرتين .

وقرأ الجمهور { عِبَادًا }

وقرأ الحسن وزيد بن علي عبيداً . قال ابن غزاهم وقتادة جالوت من أهل الجزيرة . وقال ابن جبير وابن إسحاق غزاهم سنجاريب وجنوده ملك بابل .

وقيل بختنصر ، وروي أنه دخل قبل في جيش من الفرس وهو حامل يسير في مطبخ الملك ، فاطلع من جور بني إسرائيل على ما لم يعلمه الفرس لأنه كان يداخلهم ، فلما انصرف الجيش ذكر ذلك للملك الأعظم ، فلما كان بعد مدة جعله الملك رئيس جيش وبعثه وخرب بيت المقدس وقتلهم أجلاهم ثم انصرف فوجد الملك قد مات فملك موضعه ، واستمرت حاله حتى ملك الأرض بعد ذلك .

وقيل هم العمالقة وكان كفاراً .

وقيل كان المبعوثون قوماً مؤمنين بعثهم اللّه وأمرهم بغزو بني إسرائيل والبعث هنا الإرسال والتسليط .

وقال الزمخشري : معناه خلينا بينهم وبين ما فعلوه ولم نمنعهم على أن اللّه عز وعلا أسند بعث الكفرة إلى نفسه فهو كقوله :{ وَكَذالِكَ نُوَلّى بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } وكقول الداعي : وخالف بين كلمتهم وأسند الجوس وهو التردّد خلال الديار بالفساد إليهم ، فتخريب المسجدة وإحراق التوراة من جملة الجوس المسند إليهم انتهى . وفي قوله خلينا بينهم وبين ما فعلوا دسيسة الاعتزال .

و

قال ابن عطية :{ بَعَثْنَا } يحتمل أن يكون اللّه أرسل إلى ملك تلك الأمة رسولاً بأمره بغزو بني إسرائيل فتكون البعثة بأمر ، ويحتمل أن يكون عبر بالبعث عما ألقى في نفس الملك أي غزاهم انتهى .{ أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي قتال وحرب شديد لقوتهم ونجدتهم وكثرة عددهم وعُددهم .

وقرأ الجمهور { فَجَاسُواْ } بالجيم .

وقرأ أبو السمال وطلحة فحاسوا بالحاء المهملة . وقرىء فتجوسوا على وزن تكسروا بالجيم .

وقرأ الحسن { خِلَالَ الدّيَارِ } واحداً ويجمع على خلل كجبل وجبال ، ويجوز أن يكون خلال مفرداً كالخلل وهو وسط الديار وما بينها ، والجمهور على أنه في هذه البعثة الأولى خرّب بيت المقدس ووقع القتل فيهم والجلاء والأسر .

وعن ابن عباس ومجاهد : أنه حين غزوا جاس الغازون خلال الديار ولم يكن قتل ولا قتال في بني إسرائيل ، وانصرفت عنهم الجيوش . والضمير في { وَكَانَ } عائداً على وعد أولاهما .

قال الزمخشري : وكان وعد العقاب وعداً لا بد أن يفعل انتهى .

﴿ ٥