١٤

اقرأ كتابك كفى . . . . .

{اقْرَأْ كَتَابَكَ } معمول لقول محذوف أي يقال له :{ اقْرَأْ كَتَابَكَ} وقال قتادة : يقرأ ذلك اليوم من لم يكن في الدنيا قارئاً .

وقال الزمخشري وغيره . و { بنفسيك } فاعل { قُلْ كَفَى } انتهى . وهذا مذهب الجمهور والباء زائدة على سبيل الجواز لا اللزوم ، ويدل عليه أنه إذا حذفت ارتفع ذلك الاسم بكفى . قال الشاعر .

كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياً

وقال الآخر : ويخبرني عن غائب المرء هديه

كفى الهدي عما غيب المرء مخبرا

وقيل : فاعل { كَفَى } ضمير يعود على الاكتفاء ، أي كفى هو أي الاكتفاء بنفسك .

وقيل :{ كَفَى } اسم فعل بمعنى اكتف ، والفاعل مضمر يعود على المخاطب ، وعلى هذين القولين لا تكون الباء زائدة . وإذا فرعنا على قول الجمهور أن { بِنَفْسِكَ } هو فاعل { كَفَى } فكان القياس أن تدخل تاء التأنيث لتأنيث الفاعل ، فكان يكون التركيب كفت بنفسك كما تلحق مع زيادة من في الفاعل إذا كان مؤنثاً ، كقوله تعالى :{ مَا ءامَنَتْ قَبْلَهُمْ مِن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا } وقوله :{ وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ } ولا نحفظه جاء التأنيث في كفى إذا كان الفاعل مؤنثاً مجروراً بالباء ، والظاهر أن المراد { بِنَفْسِكَ } ذاتك أي { كَفَى } بك . وقال مقاتل : يريد بنفسه جوارحه تشهد عليه إذا أنكر . وقال أبو عبيدة أي ما أشد كفاية ما علمت بما علمت .{ وَالْيَوْمِ } منصوب بكفى و { عَلَيْكَ } متعلق بحسيباً . ومعنى { حَسِيباً } حاكماً عليك بعملك قاله الحسن . قال : يا ابن آدم لقد أنصفك اللّه وجعلك حسيب نفسك . وقال الكلبي : محاسباً يعني فعيلاً بمعنى مفاعل كجليس وخليط .

وقيل : حاسباً كضريب القداح أي ضاربها ، وصريم بمعنى صارم يعني أنه بناء مبالغة كرحيم وحفيظ ، وذكر { حَسِيباً } لأنه بمنزلة الشهيد والقاضي والأمير ، لأن الغالب أن هذه الأمور يتولاها الرجل ، وكأنه قيل : كفى بنفسك رجلاً حسيباً . وقال الأنباري : وإنما قال { حَسِيباً } والنفس مؤنثة لأنه يعني بالنفس الشخص ، أو لأنه لا علامة للتأنيث في لفظ النفس ، فشبهت بالسماء والأرض قال

تعالى : { السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ} وقال الشاعر :

ولا أرض أبقل ابقالها

﴿ ١٤