١٨من كان يريد . . . . . {الْعَاجِلَةَ } هي الدنيا ومعنى إرادتها إيثارها على الآخرة ، ولا بد من تقدير حذف دل عليه المقابل في قوله :{ مَنْ أَرَادَ الاْخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ } فالتقدير : من كان يريد العاجلة وسعى لها سعيها وهو كافر . وقيل : المراد { مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ } بعمل الآخرة كالمنافق والمرائي والمهاجر للدنيا والمجاهد للغنيمة والذكر كما قال عليه السلام : { ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه} . وقال عليه الصلاة والسلام : { من طلب الدنيا بعمل الآخرة فماله في الآخرة من نصيب} . وقيل : نزلت في المنافقين وكانوا يغزون مع المسلمين للغنيمة لا للثواب ، و { مِنْ } شرط وجوابه { عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا تَشَاء } فقيد المعجل بمشيئته أي ما يشاء تعجيله . و { لِمَن نُّرِيدُ } بدل من قوله :{ لَهُ } بدل بعض من كل لأن الضمير في { لَهُ } عائد على من الشرطية ، وهي في معنى الجمع ، ولكن جاءت الضمائر هنا على اللفظ لا على المعنى ، فقيد المعجل بإرادته فليس من يريد العاجلة يحصل له ما يريده ، ألا ترى أن كثيراً من الناس يختارون الدنيا ولا يحصل لهم منها إلاّ ما قسمه اللّه لهم ، وكثيراً منهم يتمنون النزر اليسير فلا يحصل لهم ، ويجمع لهم شقاوة الدنيا وشقاوة الآخرة . وقرأ الجمهور { مَا نَشَاء } بالنون وروي عن نافع ما يشاء بالياء . فقيل الضمير في يشاء يعود على اللّه ، وهو من باب الالتفات فقراءة النون والياء سواء . وقيل يجوز أن يعود على من العائد عليها الضمير في { لَهُ } وليس ذلك عاماً بل لا يكون له ما يشاء إلاّ آحاد أراد اللّه لهم ذلك ، والظاهر أن الضمير في { لِمَن نُّرِيدُ } يقدر مع تقديره مضاف محذوف يدل عليه ما قبله ، أي لمن نريد تعجيله له أي تعجيل ما نشاء . وقال أبو إسحاق الفزاري المعنى لمن نريد هلكته وما قاله لا يدل عليه لفظ في الآية . و { جلعنا } بمعنى صيرنا ، والمفعول الأول { لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ } والثاني له لأنه ينعقد منهما مبتدأ وخبر ، فنقول : جهنم للكافرين كما قال هؤلاء للنار وهؤلاء للجنة و { يَصْلَاهَا } حال من جهنم . وقال أبو البقاء : أو من الضمير الذي في { لَهُ} وقال صاحب الغنيان : مفعول { جَعَلْنَا } الثاني محذوف تقديره مصيراً أو جزاءً انتهى .{ مَذْمُومًا } إشارة إلى الإهانة .{ مَّدْحُورًا } إشارة إلى البعد والطرد من رحمة اللّه |
﴿ ١٨ ﴾