٥وينذر الذين قالوا . . . . . والذين نسبوا الولد إلى اللّه تعالى بعض اليهود في عزير ، وبعض النصارى في المسيح ، وبعض العرب في الملائكة ، والضمير في { بِهِ } الظاهر أنه عائد على الولد الذي ادّعوه . قال المهدوي : فتكون الجملة صفة للولد . قال ابن عطية : وهذا معترض لأنه لا يصفه إلاّ القائل وهم ليس قصدهم أن يصفوه ، والصواب عندي أنه نفى مؤتنف أخبر اللّه تعالى به بجهلهم في ذلك ، ولا موضع للجملة من الإعراب ويحتمل أن يعود على اللّه تعالى ، وهذا التأويل أذم لهم وأقضى في الجهل التام عليهم وهو قول الطبري انتهى . قيل : والمعنى { مَّا لَهُم } باللّه { مِنْ عِلْمٍ } فينزهوه عما لا يجوز عليه ، ويحتمل أن يعود على القول المفهوم من { قَالُواْ } أي { مَّا لَهُم} بقولهم هذا { مِنْ عِلْمٍ } فالجملة في موضع الحال أي { قَالُواْ } جاهلين من غير فكر ولا روية ولا نظر في ما يجوز ويمتنع . وقيل : يعود على الاتخاذ المفهوم من { اتخذه } أي { عَبَدْنَاهُمْ مَّا لَهُم } بحكمة الاتخاذ من علم إذ لا يتخذه إلاّ من هو عاجز مقهور يحتاج إلى معين يشد به عضده . وهذا مستحيل على اللّه . قال الزمخشري : اتخاذ اللّه ولداً في نفسه محال ، فيكف { قِيلَ مَّا لَهُمْ مّنَ عِلْمٍ } ؟ قلت : معناه ما لهم به من علم لأنه ليس مما يعلم لاستحالته ، وانتفاء العلم بالشيء إما للجهل بالطريق الموصل إليه ، وإما لأنه في نفسه محال لا يستقيم تعلق العلم به انتهى . {وَلاَ لائَبَائِهِمْ } معطوف على { لَهُمْ } وهم من تقدم من أسلافهم الذين ذهبوا إلى هذه المقالة السخيفة ، بل من قال ذلك إنما قاله عن جهل وتقليد . وذكر الآباء لأن تلك المقالة قد أخذوها عنهم وتلقفوها منهم . وقرأ الجمهور :{ كَلِمَةَ } بالنصب والظاهر انتصابها على التمييز ، وفاعل { كَبُرَتْ } مضمود يعود على المقالة المفهومة من قوله { قَالُواْ اتَّخَذَ اللّه وَلَدًا } ، وفي ذلك معنى التعجب أي ما أكبرها كلمة ، والجملة بعدها صفة لها تفيد استعظام اجترائهم على النطق بها وإخراجها من أفواههم ، فإن كثيراً مما يوسوس به الشيطان في القلوب ويحدث به النفس لا يمكن أن يتفوه به بل يصرف عنه الفكر ، فكيف بمثل هذا المنكر وسميت { كَلِمَةَ } كما يسمون القصيدة كلمة . و قال ابن عطية : وهذه المقالة هي قائمة في النفس معنى واحداً فيحسن أن تسمى { كَلِمَةَ } وقال أيضاً : وقرأ الجمهور بنصب الكلمة كما تقول نعم رجلاً زيد ، وفسر بالكلمة ووصفها بالخروج من أفواههم فقال بعضهم : نصبها على التفسير على حد نصب قوله تعالى { وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا} وقالت فرقة : نصبها على الحال أي { كَبُرَتْ } فريتهم ونحو هذا انتهى . فعلى قوله كما تقول نعم رجلاً زيد يكون المخصوص بالذم محذوفاً لأنه جعل { تُخْرِجُ } صفة لكلمة ، والتقدير { كَبُرَتْ كَلِمَةً } خارجة { مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } تلك المقالة التي فاهوا بها وهي مقالتهم { اتَّخَذَ اللّه وَلَدًا} والضمير في { كَبُرَتْ } ليس عائداً على ما قبله بل هو مضمر يفسره ما بعده ، وهو التمييز على مذهب البصريين ، ويجوز أن يكون المخصوص بالذم محذوفاً وتخرج صفة له أي { كَبُرَتْ كَلِمَةً } كلمة { تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} وقال أبو عبيدة : نصب على التعجب أي أكبر بها { كَلِمَةَ } أي من { كَلِمَةَ} وقرىء { كَبُرَتْ } بسكون الباء وهي في لغة تميم . وقرأ الحسن وابن يعمر وابن محيصن والقواس عن ابن كثير بالرفع على الفاعلية والنصب أبلغ في المعنى وأقوى ، و { ءانٍ } نافية أي ما { يَقُولُونَ } و { كَذِبًا } نعت لمصدر محذوف أي قولاً{ كَذِبًا} |
﴿ ٥ ﴾