٦

فلعلك باخع نفسك . . . . .

{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ } لعل للترجي في المحبوب وللإشفاق في المحذور . وقال العسكري : فيها هنا هي موضوعة موضع النهي يعني أن المعنى لا تبخع نفسك .

وقيل : وضعت موضع الاستفهام تقديره هل أنت { بَاخِعٌ نَّفْسَكَ } ؟ و

قال ابن عطية : تقرير وتوقيف بمعنى الإنكار عليه أي لا تكن كذلك .

وقال الزمخشري : شبهه وإياهم حين تولوا عنه ولم يؤمنوا به وما تداخله من الوجد والأسف على توليهم برجل فارقته أحبته وأعزته ، فهو يتساقط حسرات على آثارهم ويبخع نفسه وجداً عليهم وتلهفاً على فراقهم انتهى . وتكون لعل للإستفهام قول كوفي ، والذي يظهر أنها للإشفاق أشفق أن يبخع الرسول صلى اللّه عليه وسلم نفسه لكونهم لم يؤمنوا .

وقوله { عَلَىءاثَارِهِمْ } استعارة فصيحة من حيث لهم إدبار وتباعد عن الإيمان وإعراض عن الشرع ، فكأنهم من فرط إدبارهم قد بعدوا فهو في إدبارهم يحزن عليهم ، ومعنى { عَلَىءاثَارِهِمْ } من بعدهم أي بعد يأسك من إيمانهم أو بعد موتهم على الكفر .

ويقال : مات فلان على أثر فلان أي بعده ، وقرىء { بَاخِعٌ نَّفْسَكَ } بالإضافة .

وقرأ الجمهور :{ بَاخِعٌ } بالتنوين { نَّفْسَكَ } بالنصب .

قال الزمخشري : على الأصل يعني إن اسم الفاعل إذا استوفي شروط العلم فالأصل أن يعمل ، وقد أشار إلى ذلك سيبويه في كتابه . وقال الكسائي : العمل والإضافة سواء ، وقد ذهبنا إلى أن الإضافة أحسن من العمل بما قررناه في ما وضعنا في علم النحو . وقرىء :{ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ } بكسر الميم وفتحها فمن كسر . ف

قال الزمخشري : هو يعني اسم الفاعل للإستقبال ، ومن فتح فللمضي يعني حالة الإضافة ، أي لأن { لَمْ يُؤْمِنُواْ } والإشارة بهذا الحديث إلى القرآن . قال تعالى { اللّه نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً}

و { أَسَفاً } قال مجاهد : جزعاً . وقال قتادة : غضباً وعنه أيضاً حزناً . وقال السدّي : ندماً وتحسراً . وقال الزجاج : الأسف المبالغة في الحزن والغضب . وقال منذر بن سعيد : الأسف هنا الحزن لأنه على من لا يملك ولا هو تحت يد الآسف ، ولو كان الأسف من مقتدر على من هو في قبضته وملكه كان غضباً كقوله تعالى { فَلَمَّا ءاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ } أي أغضبونا .

قال ابن عطية : وإذا تأملت هذا في كلام العرب اطرد انتهى . وانتصاب { أَسَفاً } على أنه مفعول من أجله أو على أنه مصدر في موضع الحال ،

﴿ ٦