٥٩

وتلك القرى أهلكناهم . . . . .

وأشارة تعالى بقوله { وَتِلْكَ الْقُرَى } إلى القرى المجاورة أهل مكة والعرب كقرى ثمود وقوم لوط وغيرهم ، ليعتبروا بما جرى عليهم وليحذروا ما يحل بهم كما حل بتلك القرى .{ وَتِلْكَ } مبتدأ و { الْقُرَى } صفة أو عطف بيان والخبير { أَهْلَكْنَاهُمْ } ويجوز أن تكون { الْقُرَى } الخبر و { أَهْلَكْنَاهُمْ } جملة حالية كقوله { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً } ويجوز أن تكون { تِلْكَ } منصوباً بإضمار فعل يفسره ما بعده أي وأهلكنا { تِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ } و { تِلْكَ الْقُرَى } على إضمار مضاف أي وأصحاب تلك القرى ، ولذلك عاد الضمير على ذلك المضمر في قوله { أَهْلَكْنَاهُمْ}

وقوله { لَمَّا ظَلَمُواْ } إشعار بعلة الإهلاك وهي الظلم ، وبهذا استدل الأستاذ أبو الحسن بن عصفور على حرفية { لَّمّاً } وأنها ليست بمعنى حين لأن الظرف لا دلالة فيه على العلية . وفي قوله { لَمَّا ظَلَمُواْ } تحذير من الظلم إذ نتيجته الإهلاك وضربنا لإهلاكهم وقتاً معلوماً ، وهو الموعد واحتمل أن تكون مصدراً أو زماناً .

وقرأ الجمهور بضم الميم وفتح اللام ، واحتمل أن يكون مصدراً مضافاً إلى المفعول وأن يكون زماناً .

وقرأ حفص وهارون عن أبي بكر بفتحتين وهو زمان الهلاك .

وقرأ حفص بفتح الميم وكسر اللام مصدر هلك يهلك وهو مضاف للفاعل .

وقيل : هلك يكون لازماً ومتعدياً فعلى تعديته يكون مضافاً للمفعول ، وأنشد أبو عليّ في ذلك :

ومهمه هالك من تعرجاً

ولا يتعين ما قاله أبو عليّ في هذا البيت ، بل قد ذهب بعض النحويين إلى أن هالكاً فيه لازم وأنه من باب الصفة المشبهة أصله هالك من تعرجاً . فمن فاعل ثم أضمر في هالك ضمير مهمه ، وانتصب { مِنْ } على التشبيه بالمفعول ثم أضاف من نصب ، وقد اختلف في الموصول هل يكون من باب الصفة المشبهة ؟ والصحيح جواز ذلك وقد ثبت في أشعار العرب . قال الشاعر وهو عمر بن أبي ربيعة : أسيلات أبدان دقاق خصورها

وثيرات ما التفت عليها الملاحف

وقال آخر : فعجتها قبل الأخيار منزلة

والطيبي كل ما التاثت به الأزر

﴿ ٥٩