٨٢وأما الجدار فكان . . . . . ووصف الغلامين باليتم يدل على أنهما كانا صغيرين . وفي الحديث : { لا يتم بعد بلوغ } أي كانا { يَتِيمَيْنِ } على معنى الشفقة عليهما . قيل : واسمهما أصرم وصريم ، واسم أبيهما كاشح واسم أمهما دهنا ، والظاهر في الكنز أنه مال مدفون جسيم ذهب وفضة قاله عكرمة وقتادة . وقال ابن عباس وابن جبير : كان علماً في مصحف مدفونة . وقيل : لوح من ذهب فيه كلمات حكمة وذكر ، وقد ذكرها المفسرون في كتبهم ولا نطول بذكرها ، والظاهر أن أباهما هو الأقرب إليهما الذي ولدهما دنية . وقيل : السابع . وقيل : العاشر وحفظ هذان الغلامان بصلاح أبيهما . وفي الحديث : { إن اللّه يحفظ الرجل الصالح في ذريته} . وانتصب { رَحْمَةً } على المفعول له وأجاز الزمخشري أن ينصب على المصدر بأراد قال : لأنه في معنى رحمهما ، وأجاز أبو البقاء أن ينتصب على الحال وكلاهما متكلف . {وَمَا فَعَلْتُهُ } أي وما فعلت ما رأيت من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار عن اجتهاد مني ورأي ، وإنما فعلته بأمر اللّه وهذا يدل على أنه نبيّ أوحي إليه . و { تَسْطِع } مضارع اسطاع بهمزة الوصل . قال ابن الكسيت : يقال ما استطيع وما اسطيع وما استتيع واستتيع أربع لغات ، وأصل اسطاع استطاع على وزن استفعل ، فالمحذوف في اسطاع تاء الافتعال لوجود الطاء التي هي أصل ولا حاجة تدعو إلى أن المحذوف هي الطاء التي هي فاء الفعل ، ثم أبدلوا من تاء الافتعال طاءً ، وأما استتيع ففيه أنهم أبدلوا من الطاء تاء ، وينبغي في تستيع أن يكون المحذوف تاء الافتعال كما في تسطيع . وفي كتاب التحرير والتحبير ما نصه : تعلق بعض الجهال بما جرى لموسى مع الخضر عليهما السلام على أن الخضر أفضل من موسى وطردوا الحكم ، وقالوا : قد يكون بعض الأولياء أفضل من آحاد الأنبياء ، واستدلوا أيضاً بقول أبي يزيد خضت بحراً وقف الأنبياء على ساحله وهذا كله من ثمرات الرعونة والظنة بالنفس انتهى . وهكذا سمعنا من يحكي هذه المقالة عن بعض الضالين المضلين وهو ابن العربي الطائي الحاتمي صاحب الفتوح المكية ، فكان ينبغي أن يسمي بالقبوح الهلكية وأنه كان يزعم أن الولّي خير من النبيّ قال : لأن الولي يأخذ عن اللّه بغير واسطة ، والنبيّ يأخذ بواسطة عن اللّه ، ولأن الولي قاعد في الحضرة الألهية والنبيّ مرسل إلى قوم ، ومن كان في الحضرة أفضل ممن يرسله صاحب الحضرة إلى أشياء من هذه الكفريات والزندقة ، وقد كثر معظِّمو هذا الرجل في هذا الزمان من غلاة الزنادقة القائلة بالوحدة نسأل اللّه السلام في أدياننا وأبداننا . |
﴿ ٨٢ ﴾