| ١٢إني أنا ربك . . . . . وقرأ الجمهور : { إِنّى } بكسر الهمزة على إضمار القول عند البصريين ، وعلى معاملة النداء معاملة القول لأنه ضرب منه على مذهب الكوفيين . و { أَنَاْ } مبتدأ أو فصل أو توكيد لضمير النصب ، وفي هذه الأعاريب حصل التركيب لتحقيق المعرفة وإماطة الشبهة . وقرأ ابن كثير وأبو عمر : وأني بفتح الهمزة والظاهر أن التقدير بأني { أَنَاْ رَبُّكَ} و قال ابن عطية : على معنى لأجل { إِنّى أَنَاْ رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ } و { نُودِىَ } قد توصل بحرف الجر وأنشد أبو عليّ : ناديت باسم ربيعة بن مكدم إن المنوّه باسمه الموثوق انتهى . وعلمه بأن الذي ناداه هو اللّه تعالى حصل له بالضرورة خلقاً منه تعالى فيه أو بالاستدلال بالمعجزة ، وعند المعتزلة لا يكون ذلك إلاّ بالمعجز فمنهم من عينه ومنهم من قال : لا يلزم أن يعرف ما ذلك المعجز قالوا : ولا يجوز أن يكون ذلك بالعلم الضروري لأنه ينافي في التكليف ، والظاهر أن أمره تعالى إياه بخلع النعلين لعظم الحال التي حصل فيها كما يخلع عند الملوك غاية في التواضع . وقيل : كانتا من جلد حمار ميت فأمر بطرحهما لنجاستهما . وفي الترمذي عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال : { كان على موسى يوم كلمه ربه كساء صوف وجبة صوف وكمة صوف وسراويل صوف ، وكانت نعلاه من جلد حمار ميت} . قال : هذا حديث غريب ، والكمة القلنسوة الصغيرة وكونهما من جلد حمار ميت غير مدبوغ قول عكرمة وقتادة والسدّي ومقاتل والكلبي والضحاك . وقيل : كانتا من جلد بقرة ذكي لكن أمر بخلعهما البيان بركة الوادي المقدس ، وتمس قدماه تربته وروى أنه خلع نعليه وألقاهما من وراء الوادي . و { الْمُقَدَّسِ } المطهر و { طُوًى } اسم علم عليه فيكون بدلاً أو عطف بيان . وقرأ الحسن والأعمش وأبو حيوة وابن أبي إسحاق وأبو السمال وابن محيص بكسر الطاء منوناً . وقرأ الكوفيون وابن عامر بضمها منوناً . وقرأ الحرميان وأبو عمرو بضمها غير منون . وقرأ أبو زيد عن أبي عمرو بكسرها غير منون . وقرأ عيس بن عمر والضحاك طاوى أذهب فمن نون فعلى تأويل المكان ، ومن لم ينون وضم الطاء فيحتمل أن يكون معدولاً عن فعل نحو زفر وقثم ، أو أعجمياً أو على معنى البقعة ، ومن كسر ولم ينون فمنع الصرف باعتبار البقعة . وقال الحسن :{ طُوًى } بكسر الطاء والتنوين مصدر ثنيت فيه البركة والتقديس مرتين فهو بوزن الثناء وبمعناه وذلك لأن الثنا بالكسر والقصر الشيء الذي تكرره ، فكذلك الطوى على هذه القراءة . وقال قطرب { طُوًى } من الليل أي ساعة أي قدس لك في ساعة من الليل لأنه نودي بالليل ، فلحق الوادي تقديس محدد أي { إِنَّكَ إِذْ نَادَاهُ } ليلاً . | 
﴿ ١٢ ﴾