١٤

إنني أنا اللّه . . . . .

والموحى قوله { إِنّى أَنَا اللّه } إلى آخره معناه وحّدني كقوله تعالى { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } إلى آخر الجمل جاء ذلك تبييناً وتفسيراً للإبهام في قوله { لِمَا يُوحَى}

وقال المفسرون { فَاعْبُدْنِى } هنا وحدني كقوله تعالى { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } معناه ليوحدون ، والأولى أن يكون { فَاعْبُدْنِى } لفظ يتناول ما كلفه به من العبادة ، ثم عطف عليه ما هو قد يدخل تحت ذلك المطلق فبدأ بالضلالة إذ هي أفضل الأعمال وأنفعها في الآخرة ، والذكر مصدر يحتمل أن يضاف إلى الفاعل أي ليذكرني فإن ذكري أن اعبدو يصلي لي أو ليذكرني فيها لاشتمال الصلاة على الأذكار أو لأني ذكرتها في الكتب وأمرت بها ، ويحتمل أن تضاف إلى المفعول أي لأن أذكرك بالمدح والثناء وأجعل لك لسان صدق ، أو لأن تذكرني خاصة لا تشو به بذكر غيري أو خلاص ذكري وطلب وجهي لا ترائي بها ولا تقصد بها غرضاً آخر ، أو لتكون لي ذاكراً غير ناسٍ فعل المخلصين في جعلهم ذكر ربهم على ابل منهم وتوكيل هممهم وأفكارهم به كما قال { لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّه } أو لأوقات ذكري وهي مواقيت الصلاة لقوله { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَواةَ فَاذْكُرُواْ اللّه قِيَاماً وَقُعُوداً } واللام على هذا القول مثلها في قوله { أَقِمِ الصَّلَواةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } وقد حمل على ذكر الصلاة بعد نسيانها من قوله عليه الصلاة والسلام : { من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها} .

قال الزمخشري : وكان حق العبادة أن يقال لذكرها كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

{إذا ذكرها} . ومن يتمحل له يقول : إذا ذكر الصلاة فقد ذكر اللّه ، أو بتقدير حذف المضاف أي لذكر صلاتي أو لأن الذكر والنسيان من اللّه عز وجل في الحقيقة انتهى . وفي الحديث بعد قوله : { فليصلها إذا ذكرها } قوله { إذ لا كفارة لها إلاّ ذلك} ثم قرأ { يُوحَى إِنَّنِى أَنَا}

وقرأ السلمي والنخعي وأبو رجاء : للذكري بلام التعريف وألف التأنيث ، فالذكرى بمعنى التذكرة أي لتذكيري إياك إذا ذكرتك بعد نسيانك فأقمها . وقرأت فرقة لِذِكْرَى بألف التأنيث بغير لام التعريف . وقرأت فرقة : للذكر .

ولما ذكر تعالى الأمر بالعبادة وإقامة الصلاة ذكر الحامل على ذلك وهو البعث والمعاد للجزاء

﴿ ١٤