٤ومن الناس من . . . . . {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِى اللّه} أي في قدرته وصفاته . قيل : نزلت في أبي جهل . وقيل : في أُبيّ بن خلف والنضر بن الحارث . وقيل : في النضر وكان جدلاً يقول الملائكة بنات اللّه والقرآن أساطير الأولين ، ولا يقدر اللّه على إحياء من بَلي وصار تراباً والآية في كل من تعاطى الجدال فيما يجوز على اللّه وما لا يجوز من الصفات والأفعال ، ولا يرفع إلى علم ولا برهان ولا نصفة . والظاهر أن قوله { كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ } هو من الجن كقوله { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً} وقيل : يحتمل أن يكون من الإنس كقوله { شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنّ} لما ذكر تعالى أهوال يوم القيامة ذكر من غفل عن الجزاء في ذلك اليوم وكذب به . وقرأ زيد بن عليّ{ وَيَتَّبِعْ } خفيفاً ، والظاهر أن الضمير في { عَلَيْهِ } عائد على { مِنْ } لأنه المحدث عنه ، وفي { أَنَّهُ } و { تَوَلاَّهُ } وفي { فَإِنَّهُ } عائد عليه أيضاً ، والفاعل يتولى ضمير { مِنْ } وكذلك الهاء في { يُضِلُّهُ } ويجوز أن تكون الهاء في هذا الوجه أنه ضمير الشأن ، والمعنى أن هذا المجادل لكثرة جداله بالباطل واتباعه الشيطان صار إماماً في الضلال لمن يتولاه ، فشأنه أن يضل من يتولاه . وقيل : الضمير في { عَلَيْهِ } عائد على { كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ } قاله قتادة ولم يذكر الزمخشري غيره ، وأورد ابن عطية القول الأول احتمالاً . و قال ابن عطية : ويظهر لي أن الضمير في { أَنَّهُ } الأولى للشيطان والثانية لمن الذي هو للمتولي . قال الزمخشري : والكتبة عليه مثل أي إنما { كِتَابَ } إضلال من يتولاه { عَلَيْهِ } ورقم به لظهور ذلك في حاله . وقرأ الجمهور { كِتَابَ } مبنياً للمفعول . وقرىء { كِتَابَ } مبنياً للفاعل أي كتب اللّه . وقرأ الجمهور :{ أَنَّهُ } بفتح الهمزة في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله ، { فَإِنَّهُ } بفتحها أيضاً ، والفاء جواب { مِنْ } الشرطية أو الداخلة في خبر { مِنْ } إن كانت موصولة . و { فَإِنَّهُ } على تقدير فشأنه أنه { يُضِلُّهُ } أي إضلاله أو فله أن يضله . وقال الزمخشري : فمن فتح فلأن الأول فاعل { كِتَابَ } بعني به مفعولاً لم يسم فاعله ، قال : والثاني عطف عليه انتهى . وهذا لا يجوز لأنك إذا جعلت { فَإِنَّهُ } عطفاً على { أَنَّهُ } بقيت بلا استيفاء خبر لأن { مَن تَوَلاَّهُ } من ، فيه مبتدأة ، فإن قدرتها موصولة فلا خبر لها حتى يستقل خبراً لأنه وإن جعلتها شرطية فلا جواب لها إذ جعلت { فَإِنَّهُ } عطفاً على { أَنَّهُ } ومثل قول الزمخشري قال ابن عطية قال { وَأَنَّهُ } في موضع رفع على المفعول الذي لم يسم فاعله ، وأنه الثانية عطف على الأولى مؤكدة مثلها ، وخطا خطأ لما بيناه . وقرأ الأعمش والجعفي عن أبي عمر و { أَنَّهُ }{ فَإِنَّهُ } بكسر الهمزتين . و قال ابن عطية : وقرأ أبو عمرو { أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ } بالكسر فيهما انتهى ، وليس مشهوراً عن أبي عمرو . والظاهر أن ذلك من إسناد { كِتَابَ } إلى الجملة إسناداً لفظياً أي { كِتَابَ } عليه هذا الكلام كما تقول : كتب إن اللّه يأمر بالعدل . وقال الزمخشري : أو عن تقدير قبل أو على المفعول الذي لم يسم فاعله الكتب ، والجملة من { أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ } في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله لقيل المقدرة ، وهذا لا يجوز عند البصريين لأن الفاعل عندهم لا يكون جملة فلا يكون ذلك مفعولاً لم يسم فاعله ، وأما الثاني فلا يجوز أيضاً على مذهب البصريين لأنه لا تكسر أن بعد ما هو بمعنى القول ، بل بعد القول صريحة ، ومعنى { وَيَهْدِيهِ } ويسوقه وعبر بلفظ الهداية على سبيل التهكم . |
﴿ ٤ ﴾