١١إن الذين جاؤوا . . . . . والإفك : الكذب والأفتراء . وقيل : هو البهتان لا تشعر به حتى يفجأك . والعصبة : الجماعة وقد تقدم الكلام عليها في سورة يوسف عليه السلام . { مّنكُمْ } أي من أهل ملتكم وممن ينتمي إلى الإسلام ، ومنهم منافق ومنهم مسلم ، والظاهر أن خبر { ءانٍ } هو { عُصْبَةٌ مّنْكُمْ } و { مّنكُمْ } في موضع الصفة وقاله . الحوفي وأبو البقاء . و { لاَ تَحْسَبُوهُ } : مستأنف . وقال ابن عطية { عُصْبَةٌ } رفع على البدل من الضمى ر في { جاؤوا } وخبر { حَمِيمٍ ءانٍ } في قوله و { لاَ تَحْسَبُوهُ } التقدير أن فعل الذين وهذا أنسق في المعنى وأكثر فائدة من أن يكون { عُصْبَةٌ } خبر { ءانٍ } انتهى . والعصبة : عبد اللّه بن أبيّ رأس النفاق ، وزيد بن رفاعة ، وحسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة ، وحنة بنت جحش ومن ساعدهم ممن لم يرد ذكر اسمه ، و { تَحْسَبُوهُ } الظاهر أنه عائد على الإفك وعلى اعراب ابن عطية { لاَ تَحْسَبُوهُ } الظاهر أنه عائد على الإفك ، وعلى إعراب ابن عطية . يعول على ذلك المحذوف الذي قدره اسم { ءانٍ} قيل : ويجوز أن يعود على القذف وعلى المصدر المفهوم من { جاؤوا } وعلى ما نال المسلمين من الغم ، والمعنى { مّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ } ينزل بكم منه عار { بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } لبراءة الساحة وثواب الصبر على ذلك الأذى وانكشاف كذب القاذفين . وقيل : الخطاب ب تحسبوه للقاذفين وكينونة ذلك خيراً لهم حيث كان هذا الذكر عقوبة معجلة كالكفارة ، وحيث ناب بعضهم . وهذا القول ضعيف لقوله بعد :{ لِكُلّ امْرِىء مّنْهُمْ مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ } أي جزاء ما اكتسب ، وذلك بقدر ما خاض فيه لأن بعضهم ضحك وبعضهم سكت وبعضهم تكلم ، و { اكْتَسَبَ } مستعمل في المآثم ونحوها لأنها تدل على اعتمال وقصد فهو أبلغ في الترتيب وكسب مستعمل في الخير لأن حصوله مغن عن الدلالة على اعتمال فيه ، وقد يستعمل كسب في الوجهين . {وَالَّذِينَ تَوَلَّى } كبره المشهور أنه عبد اللّه بن أبيّ ، والعذاب العظيم عذاب يوم القيامة . وقيل : هو ما أصاب حسان من ذهاب بصره وشل يده ، وكان ذلك من عبد اللّه بن أبي لإمعانه في عداوة الرسول صلى اللّه عليه وسلم وانتهازه الفرص ، وروي عنه كلام قبيح في ذلك نزهت كتابي عن ذكره وقلمي عن كتابته قبحه اللّه . وقيل :{ الَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ } جسان ، والعذاب الأليم عماه وحده وضرب صفوان له بالسيف على رأسه وقال له : توقّ ذباب السيف عني فإنني غلام إذا هوجيت لست بشاعر ولكنني أحمي حماي وأتقي من الباهت الرامي البريء الظواهر وأنشد حسان أبياتاً يثني فيها على أم المؤمنين ويظهر براءته مما نسب إليه وهي : حصان رزان ما تزنّ بريبة وتصبح غرثي من لحوم الغوافل حليلة خير الناس ديناً ومنصبا نبيّ الهدى والمكرمات الفواضل عقيلة حي من لؤي بن غالب كرام المساعي مجدها غير زائل مهذبة قد طيب اللّه خيمها وطهرها من كل شين وباطل فإن كان ما بلغت عني قلته فلا رفعت سوطي إليّ أناملي وكيف وودي ما حييت ونصرتي بآل رسول اللّه زين المحافل له رتب عال على الناس فضلها تقاصر عنها سورة المتطاول والمشهور أنه حد حسان ومسطح وحنة . قيل : وعبد اللّه بن أبيّ وقد ذكره بعض شعراء ذلك العصر في شعر . وقيل : لم يحد مسطح . وقيل : لم يحد عبد اللّه . وقيل : لم يحد أحد في هذه القصة وهذا مخالف للنص .{ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } وقابل ذلك بقول : إنما يقال الحد بإقرار أو بينة ، ولم يتقيد بإقامته بالإخبار كما لم يتقيد بقتل المنافقين ، وقد أخبر تعالى بكفرهم . وقرأ الجمهور { كِبْرَهُ } بكسر الكاف . وقرأ الحسن وعمرة بنت عبد الرحمن والزهري وأبو رجاء ومجاهد وأبو البرهثيم والأعمش وحميد وابن أبي عبلة وسفيان الثوري ويزيد بن قطيب ويعقوب والزعفراني وابن مقسم وسورة عن الكسائي ومحبوب عن أبي عمرو بضم الكاف ، والكبر والكبر مصدران لكبر الشيء عظم لكن استعمال العرب الضم ليس في السن . هذا كبر القوم أي كبيرهم سناً أو مكانة . وفي الحديث في قصة حويصة ومحيصة : { الكبر الكبر} . وقيل { كِبْرَهُ } بالضم معظمه ، وبالكسر البداءة بالإفك . وقيل : بالكسر الإثم . |
﴿ ١١ ﴾