٥

وقالوا أساطير الأولين . . . . .

والضمير في { وَقَالُواْ } للكفار وتقدم الكلام على { أَسَاطِيرُ الاْوَّلِينَ }{ اكْتَتَبَهَا } أي جمعها من قولهم كتب الشيء أي جمعه أو من الكتابة أي كتبها بيده ، فيكون ذلك من جملة كذبهم عليه وهم يعلمون أنه لا يكتب ويكون كاستكب الماء واصطبه أي سكبه وصبه . ويكون لفظ افتعل مشعراً بالتكلف والاعتمال أو بمعنى

أمر أن يكتب كقولهم احتجم وافتصد إذا أمر بذلك . { فَهِىَ تُمْلَى عَلَيْهِ } أي تلقى عليه ليحفظها لأن صورة الإلقاء على المتحفظ كصورة الإملاء على الكاتب .

و { أَسَاطِيرُ الاْوَّلِينَ } خبر مبتدأ محذوف أي هو أو هذه { أَسَاطِيرُ } و { اكْتَتَبَهَا } خبر ثان ، ويجوز أن يكون { أَسَاطِيرُ } مبتدأ و { اكْتَتَبَهَا } الخبر .

وقرأ الجمهور { اكْتَتَبَهَا } مبنياً للفاعل . وقراءة طلحة مبنياً للمفعول والمعنى { اكْتَتَبَهَا } كاتب له لأنه كان أمّياً لا يكتب بيده وذلك من تمام إعجازه ، ثم حذفت اللام فأفضى الفعل إلى الضمير فصار { اكْتَتَبَهَا } إياه كاتب كقوله { وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ } ثم بنى الفعل للضمير الذي هو إياه فانقلب مرفوعاً مستتراً بعد أن كان بارزاً منصوباً وبقي ضمير الأساطير على حاله ، فصار { اكْتَتَبَهَا } كما ترى انتهى . وهو من كلام الزمخشري ولا يصح ذلك على مذهب جمهور البصريين لأن { اكْتَتَبَهَا } له كاتب وصل فيه اكتتب لمفعولين أحدهما مسرح وهو ضمير الأساطير ، والآخر مقيد وهو ضميره عليه السلام . وثم اتسع في الفعل فحذف حرف الجر فصار { اكْتَتَبَهَا } إياه كاتب فإذا بني هذا الفعل للمفعول إنما يتوب عن الفاعل المفعول المسرح لفظاً وتقديراً لا المسرح لفظاً المقيد تقديراً ، فعلى هذا كان يكون التركيب اكتتبته لا { اكْتَتَبَهَا } وعلى هذا الذي قلناه جاء السماع عن العرب في هذا النوع الذي أحد المفعولين فيه مسرح لفظاً وتقديراً والآخر مسرح لفظاً لا تقديراً . قال الشاعر وهو الفرزدق : ومنا الذي اختير الرجال سماحة

وجوداً إذا هب الرياح الزعازع

ولو جاء على ما قرره الزمخشري لجاء التركيب ومنا الذي اختيره الرجال لأن اختار تعدى إلى الرجال على إسقاط حرف الجر إذ تقديره اختير من الرجال . والظاهر أن قوله { اكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } من تمام قول الكفار . وعن الحسن أنه قول اللّه سبحانه بكذبهم وإنما يستقيم أن لو فتحت الهمزة في { اكْتَتَبَهَا } للاستفهام الذي في معنى الإنكار ، ووجهه أن يكون نحو قوله : أفرح إن أرزأ الكرام وإن

آخذ ذوداً شصايصاً نبلا

وحق للحسن أن يقف على الأولين . والظهير تقييد الإملاء بوقت انتشار الناس وحين الإيواء إلى مساكنهم وهما البكرة والأصيل ، أو يكونان عبارة عن الديمومة .

وقرأ طلحة وعيسى فهي تتلى بالتاء بدل الميم .

﴿ ٥