١٦قل أذلك خير . . . . . والظاهر أن الإشارة بذلك إلى النار وأحوال أهلها . وقيل إلى الجنة والكنز في قولهم . وقيل إلى الجنة والقصور المجعولة في الدنيا على تقدير المشيئة و { خَيْرٌ } هنا ليست تدل على الأفضلية بل هي على ما جرت عادة العرب في بيان فضل الشيء وخصوصيته بالفضل دون مقابله كقوله : شع فشركما لخيركما الفداء وكقول العرب : الشقاء أحب إليك أم السعادة . وكقوله { السّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ } وهذا الاستفهام على سبيل التوقيف والتوبيخ . قال ابن عطية : ومن حيث كان الكلام استفهاماً جاز فيه مجيء لفظه للتفضيل بين الجنة والنار في الخير لأن الموقف جائز له أن يوقف محاوره على ما شاء ليرى هل يجيبه بالصواب أو بالخطأ ، وإنما منع سيبويه وغيره من التفضيل إذا كان الكلام خبراً لأن فيه مخالفة ، وأما إذا كان استفهاماً فذلك سائغ انتهى . وما ذكره يخالفه قوله : فشركما لخيركما الفداء وقوله { السّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ } فإن هذا خبر . وكذلك قولهم : العسل أحلى من الخل إلاّ إن تقيد الخبر بأنه إذا كان واضحاً الحكم فيه للسامع بحيث لا يختلج في ذهنه ولا يتردد أيهما أفضل فإنه يجوز . وضمير { الَّتِى } محذوف أي وعدها وضمير { مَا يَشَآءونَ } كذلك أي ما يشاؤونه وفي قوله ما يشاؤنه دليل على أن حصول المرادات بأسرها لا تكون ألاّ في الجنة . وشمل قوله { جَزَاء وَمَصِيراً } الثواب ومحله كما قال { نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً } وفي ضده { بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا } لأنه بطيب المكان يتضاعف النعيم ، كما أنه برداءته يتضاعف العذاب { وَعْداً } أي موعوداً{ مَسْؤُولاً } سألته الملائكة في قولهم { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِى وَعَدْتَّهُمْ } قاله محمد بن كعب والناس في قولهم { رَبَّنَا وَءاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ }{ رَبَّنَا ءاتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الاْخِرَةِ حَسَنَةً } وقال معناه ابن عباس وابن زيد . وقال الفراء :{ وَعْداً مَسْؤُولاً } أي واجباً يقال لأعطينك ألفاً وعداً مسؤولاً أي واجباً ، وإن لم يسأل . قيل : وما قاله الفراء محال انتهى . وليس محالاً إذ يكون المعنى أنه ينبغي أن يسأل هذا الوعد الذي وعدته أو بصدد أن يسأل أي من حقه أن يكون مسؤولاً . و { عَلَى رَبِّكَ } أي بسبب الوعد صار لا بد منه . وقال الزمخشري : كان ذلك موعوداً واجباً على ربك انجازه حقيقاً أن يسأل . ويطلب لأنه جزاء وأجر مستحق ، وهذا على مذهب المعتزلة . |
﴿ ١٦ ﴾