١٩فقد كذبوكم بما . . . . . {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ } هذا من قول اللّه بلا خلاف وهي مفاجأة ، فالاحتجاج والإلزام حسنة رابعة وخاصة إذا انضم إليها الالتفات وهو على إضمار القول كقوله { مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ } أي فقلنا قد جاءكم . وقول الشاعر : قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا ثم القفول فقد جئنا خراسانا أي فقلنا قد جئنا وكذلك هذا أي فقلنا قد كذبوكم ، فإن كان المجيب الأصنام فالخطاب للكفار أي قد كذبتكم معبوداتكم من الأصنام بقولهم { مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا } وإن كان الخطاب للمعبودين من العقلاء عيسى والملائكة وعزير عليهم السلام ، وهو الظاهر لتناسق الخطاب مع قوله { أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى } أي كذبكم المعبودون { بِمَا تَقُولُونَ } أي بقولهم أنكم أضللتموهم ، وزعمهم أنكم أولياؤهم من دون اللّه . ومن قرأ { بِمَا تَقُولُونَ } بتاء الخطاب فالمعنى فيما تقولون أي { سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء} وقيل : الخطاب للكفار العابدين أي كذبكم المعبودون بما تقولون من الجواب .{ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا } أو فيما تقولون أنتم من الافتراء عليهم خوطبوا على جهة التوبيخ والتقريع . وقيل : هو خطاب للمؤمنين في الدنيا أي قد كذبكم أيها المؤمنون الكفار في الدنيا فيما تقولونه من التوحيد والشرع . وقرأ الجمهور { بِمَا تَقُولُونَ } بالتاء من فوق . وأبو حيوة وابن الصلت عن قنبل بالياء من تحت . وقرأ حفص وأبو حيوة والأعمش وطلحة { فَمَا تَسْتَطِيعُونَ } بتاء الخطاب ، ويؤيد هذه القراءة أن الخطاب في { كَذَّبُوكُمْ } للكفار العابدين . وذكر عن ابن كثير وأبي بكر أنهما قرآ بما يقولون فما يستطيعون بالياء فيهما أي هم .{ صَرْفاً } أي صرف العذاب أو توبة أو حيلة من قولهم إنه ليتصرف أي يحتال ، هذا إن كان الخطاب في { كَذَّبُوكُمْ } للكفار فالتاء جارية على ذلك ، والياء التفات وإن كان للمعبودين فالتاء التفات . والياء جارية على ضمير { كَذَّبُوكُمْ } المرفوع وإن كان الخطاب للمؤمنين أمّة الرسول عليه السلام في قوله { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ } فالمعنى أنهم شديد والشكيمة في التكذيب { فَمَا تَسْتَطِيعُونَ } أنتم صرفهم عما هم عليه من ذلك . وبالياء فما يستطيعون { صَرْفاً } لأنفسهم عما هم عليه . أو ما يستطيعون صرفكم عن الحق الذي أنتم عليه .{ وَلاَ نَصْراً } لأنفسهم من البلاء الذي استوجبوه بتكذبيهم . {وَمَن يَظْلِم مّنكُمْ } الظاهر أنه عام . وقيل : خطاب للمؤمنين . وقيل : خطاب للكافرين . والظلم هنا الشرك قاله ابن عباس والحسن وابن جريج ، ويحتمل دخول المعاصي غير الشرك في الظلم . وقال الزمخشري : العذاب الكبير لا حق لكل من ظلم والكافر ظالم لقوله { إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } والفاسق ظالم لقوله { وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } انتهى وفيه دسيسة الاعتزال . وقرىء : يذقه بياء الغيبة أي اللّه وهو الظاهر . وقيل : هو أي الظلم وهو المصدر المفهوم من قوله { يَظْلِمُ } أي يذقه الظلم . |
﴿ ١٩ ﴾