٢٧

ويوم يعض الظالم . . . . .

والظاهر عموم الظالم إذ اللام فيه للجنس قاله مجاهد وأبو رجاء ، وقالا : فلان هو كناية عن الشيطان .

وقال ابن عباس وجماعة : { الظَّالِمِ } هنا عقبة بن أبي معيط إذ كان جنح إلى الإسلام وأبيّ بن خلف هو المكني عنه بفلان ، وكان بينهما مخالة فنهاه عن الإسلام فقبل منه .

وعن ابن عباس أيضاً . عكس هذا القول . قيل وسبب نزولها هو عقبة وأبي .

وقيل : كان عقبة خليلاً لأمية فأسلم عقبة فقال أمية : وجهي من وجهك حرام إن بايعت محمداً فكفر وارتد لرضا أمية فنزلت قاله الشعبي . وذكر من إساءة عقبة على الرسول ما كان سبب أن قال له الرسول عليه السلام : { لا ألقاك خارجاً من مكة إلا علوت رأسك بالسيف} . فقتل عقبة يوم بدر صبراً أمر علياً فضرب عنقه ، وقتل أبيّ بن خلف يوم أحد في المبارزة . والمقصود ذكر هول يوم القيامة بتندم الظالم وتمنيه أنه لم يكن أطاع خليله الذي كان يأمره بالظلم وما من ظالم إلا وله في الغالب خليل خاص به يعبر عنه بفلان . والظاهر أن { الظَّالِمِ }{ يَعَضُّ عَلَى يَدَيْهِ } فعل النادم المتفجع . وقال الضحاك : يأكل يديه إلى المرفق ثم تنبت ، ولا يزال كذلك كلما أكلها نبتت .

وقيل : هو مجاز عبر به عن التحير والغم والندم والتفجع ونقل أئمة اللغة أن المتأسف المتحزن المتندم يعض على إبهامه ندماً وقال الشاعر : لطمت خدها بحمر لطاف

نلن منها عذاب بيض عذاب

فتشكى العناب نور إقاح

واشتكى الورد ناضر العناب

وفي المثل : يأكل يديه ندماً ويسيل دمعه دماً .

وقال الزمخشري : عض الأنامل واليدين والسقوط في اليد وأكل البنان وحرق الأسنان والإرم وفروعها كنايات عن الغيظ والحسرة لأنها من روادفها فتذكر الرادفة . ويدل بها على المردوف فيرتفع الكلام به في طبقة الفصاحة ، ويجد السامع عنده في نفسه من الروعة والاستحسان ما لا يجد عند لفظ المكنى عنه انتهى . وقال الشاعر في حرق الناب : أبى الضيم والنعمان يحرق نابه

عليه فأفضى والسيوف معاقله

{يِقُولُ } في موضع الحال أي قائلاً{ ياوَيْلَتَا لَيْتَنِى } فان كانت اللام للعهد فالمعنى أنه تمنى عقبة أن لو صحب النبيّ صلى اللّه عليه وسلم وسلك طريق الحق ، وإن كانت اللام للجنس فالمعنى أنه تمنى . سلوك طريق الرسول وهو الإيمان ، ويكون الرسول للجنس لأن كل ظالم قد كلف اتّباع ما جاء به رسول من اللّه إلى أن جاءت الملة المحمدية فنسخت جميع الملل ، فلا يقبل بعد مجيئه دين غير الذي جاء به .

﴿ ٢٧