٣٢وقال الذين كفروا . . . . . وقالوا أي الكفار على سبيل الاقتراح والاعتراض الدال على نفورهم عن الحق . قال الزمخشري : { نَزَّلَ } ههنا بمعنى أنزل لا غير كخبر بمعنى أخبر وإلاّ كان متدافعاً انتهى . وإنما قال أن { نَزَّلَ } بمعنى أنزل لأن نزل عنده أصلها أن تكون للتفريق ، فلو أقره على أصله عنده من الدلالة على التفريق تدافع هو . وقوله { جُمْلَةً واحِدَةً } وقد قررنا أنا { نَزَّلَ } لا تقتضي التفريق لأن التضعيف فيه عندنا مرادف للّهمزة . وقد بيّنا ذلك في أول آل عمران وقائل ذلك كفار قريش قالوا : لو كان هذا من عند اللّه لنزل جملة كما نزلت التوراة والإنجيل . وقيل : قائلو ذلك اليهود وهذا قول لا طائل تحته لأن أمر الاحتجاج به والإعجاز لا يختلف بنزوله جملة واحدة أو مفرقاً بل الإعجاز في نزوله مفرقاً أظهر إذ يطالبون بمعارضة سورة منه ، فلو نزل جملة واحدة وطولبوا بمعارضته مثل ما نزل لكانوا أعجز منهم حين طولبوا بمعارضة سورة منه فعجزوا والمشار إليه غير مذكور . فقيل : هو من كلام الكفار وأشاروا إلى التوراة والإنجيل أي تنزيلاً مثل تنزيل تلك الكتب الإلهية جملة واحدة ويبقى { لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } تعليلاً لمحذوف أي فرقناه في أوقات { لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} وقيل : هو مستأنف من كلام اللّه تعالى لا من كلامهم ، ولما تضمن كلامهم معنى لمَ أُنْزِلَ مفرقاً أشير بقوله كذلك إلى التفريق أي { كَذالِكَ } أنزل مفرقاً . قال الزمخشري : والحكمة فيه أن نقوي بتفريقه فؤادك حتى تعيه وتحفظه لأن المتلقن إنما يقوى قلبه على حفظ العلم شيئاً بعد شيء ، وجزأ عقيب جزء ، ولو ألقي عليه جملة واحدة لكان يعيا في حفظه والرسول عليه السلام فارقت حاله حال داود وموسى وعيسى عليهم السلام حيث كان أمياً لا يكتب وهم كانوا قارئين كاتبين ، فلم يكن له بد من التلقن والتحفظ فأنزل عليه منجماً في عشرين سنة . وقيل : في ثلاث وعشرين سنة وأيضاً فكان ينزل على حسب الحوادث وجواب السائلين ، ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ، ولا يتأتى ذلك إلاّ فيما أنزل مفرقاً انتهى . واللام في { لِنُثَبّتَ بِهِ } لام العلة . وقال أبو حاتم : هي لام القسم والتقدير واللّه ليثبتن فحذفت النون وكسرت اللام انتهى . وهذا قول في غاية الضعف وكان ينحو إلى مذهب الأخفش أن جواب القسم يتلقى بلام كي وجعل منه ولتصغي إليه أفئدة وهو مذهب مرجوح . وقرأ عبد اللّه ليثبت بالياء أي ليثبت اللّه { وَرَتَّلْنَاهُ } أي فصلناه . وقيل : بيناه . وقيل : فسرناه . {وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ } يضربونه على جهة المعارضة منهم كتمثيلهم في هذه بالتوراة والإنجيل الإحاء القرآن بالحق في ذلك ثم هو أوضح بياناً وتفصيلاً . وقال الزمخشري : |
﴿ ٣٢ ﴾