|
١١{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ } : بدأ أولاً بالحمل على اللفظ ، فأفرد في قوله :{ مَن يَشْتَرِى } ،{ وليضل } ،{ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا } ، ثم جمع على الضمير في قوله :{ أُوْلئِكَ لَهُمْ } ، ثم حمل على اللفظ فأفرد في قوله :{ وَإِذَا تُتْلَى } إلى آخره . ومن في :{ مَن يَشْتَرِى } موصولة ، ونظيره في من الشرطية قوله :{ وَمَن يُؤْمِن مِنْ بِاللّه } ، فما بعده أفرد ثم قال :{ خَالِدِينَ } ، فجمع ثم قال :{ قَدْ أَحْسَنَ اللّه لَهُ رِزْقاً } ، فأفرد ، ولا نعلم جاء في القرآن ما حمل على اللفظ ، ثم على المعنى ، ثم على اللفظ ، غير هاتين الآيتين . والنحويون يذكرون { وَمَن يُؤْمِن بِاللّه } الآية فقط ، ثم على المعنى ، ثم على اللفظ ، ويستدلون بها على أن هذا الحكم جار في من الموصولة ونظيرها مما لم يثن ولم يجمع من الموصولات . وتضمنت هذه الآية ذم المشتري من وجوه التولية عن الحكمة ، ثم الاستكبار ، ثم عدم الالتفات إلى سماعها ، كأنه غافل عنها ، ثم الإيغال في الإعراض بكون أذنيه كأن فيهما صمماً يصده عن السماع . و { كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا } : حال من الضمير في { مُسْتَكْبِراً } ،أي مشبهاً حال من لم يسمعها ، لكونه لا يجعل لها بالاً ولا يلتفت إليها ؛ وكأن هي المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن واجب الحذف . و { كَأَنَّ فِى أُذُنَيْهِ وَقْراً } : حال من لم يسمعها . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكونا استئنافين . انتهى ، يعني الجملتين التشبيهيتين . ولما ذكر ما وعد به الكفار من العذاب الأليم ، ذكر ما وعد به المؤمنين . وقرأ زيد بن علي : خالدون ، بالواو ؛ والجمهور : بالياء . وانتصب { وَعَدَ اللّه } على أنه مصدر مؤكد لنفسه ، و { حَقّاً } على المصدر المؤكد لغيره ، لأن قوله :{ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ } ، والعامل فيها متغاير ، فوعد اللّه منصوب ، أي يوعد اللّه وعده ، وحقاً منصوب بأحق ذلك حقاً .{ خُلِقَ السَّمَاوَاتِ } إلى { فَأَنبَتْنَا فِيهَا } ، تقدم الكلام على ذلك . ومعنى { كَرِيمٌ } : مدحته بكرم جوهره ونفاسته وحسن منظره ، وما تقضي له النفوس بأنه أفضل من غيره حتى استحق الكرم ، فيخص لفظ الأزواج ما كان نفيساً مستحسناً من جهة ، أو مدحته بإتقان صفته وظهور حسن الرتبة والتحكم للصنع فيه ، فيعم جميع الأزواج ، وهو الأنواع .{ هَاذَا خَلْقُ اللّه } : إشارة إلى ما ذكر من مخلوقاته ، وبخ بذلك الكفار وأظهر حجته . والخلق بمعنى المخلوق ، كقولهم : درهم ضرب الأمير ، أي مضروبه . ثم سألهم على جهة التهكم بهم أن يورده . وأما خلقته آلتهم لما ذكر مخلوقاته ، فكيف عبدوها من دونه ؟ ويجوز في ماذا أن تكون كلها موصولة بمعنى الذي ، وتكون مفعولاً ثانياً لأروني . واستعمال ماذا كلها موصولاً قليل ، وقد ذكره سيبويه . ويجوز أن تكون ما استفهامية في موضع رفع على الابتداء ، وذا موصولة بمعنى الذي ، وهو خبر عن ما ، والجملة في موضع نصب بأروني ، وأروني معلقة عن العمل لفظاً لأجل الاستفام . ثم أضرب عن توبيخهم وتبكيتهم إلى التسجيل عليهم بأنهم في حيرة واضحة لمن يتدبر ، لأن من عبد صنماً وترك خالقه جدير بأن يكون في حية وتيه لا يقلع عنه . |
﴿ ١١ ﴾