٢١

{أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ اللّه سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ ...}

{سَخَّرَ لَكُمُ } : تنبيه على الصنعة الدالة على الصانع من تسخير { مَا فِي السَّمَاوَاتِ } : من الشمس ، والقمر ، والنجوم ، والسحاب ؛{ وَمَا فِى الاْرْضِ } : من الحيوان ، والنبات ، والمعادن ، والبحار ، وغير ذلك ؛ وذلك لا يكون إلا بمسخر من مالك متصرف كما يشاء .

وقرأ ابن عباس ، ويحيى بن عمارة : وأصبغ بالصاد ، وهي لغة لبني كلب ، يبدلونها من السين ، إذا جامعت الغين أو الخاء أو القاف صاداً ؛ وباقي القراء : بالسين على الأصل .

وقرأ الحسن ، والأعرج ، وأبو جعفر ، وشيبة ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحفص :{ نِعَمَهُ } ، جمعاً مضافاً للضمير ؛ وباقي السبعة ، وزيد ابن علي : نعمة ، على الإفراد . والظاهر أنه يراد بالنعمة الظاهرة : الإسلام ، والباطنة : الستر . وعن الضحاك ، الظاهرة : حسن الصورة وامتداد القامة وتسوية الأعضاء ، والباطنة : المعرفة .

وقيل : الظاهرة : البصر والسمع واللسان وسائر الجوارح ، والباطنة : القلب والعقل والفهم . والذي ينبغي أن يقال : إن الظاهرة مما يدرك بالمشاهدة ، والباطنة ما لا يعلم إلا بدليل ، أو لا يعلم أصلاً . فكم من نعمة في بدن الإنسان لا يعلمها ، ولا يهتدي إلى العلم بها ؟ وانتصب { ظَاهِرَةً } على الحال من { نِعَمَهُ } ، الجمع على الصفة ، ومن نعمة على الإفراد . وتقدم الكلام على :{ وَمِنَ النَّاسِ } إلى :{ مُّنِيرٍ } ، في الحج ، وعلى ما بعده إلى :{ ءابَاءنَا } ، في نظيره في البقرة .{أَوْ لَوْ } : كان تقديره : أيتبعونهم في أحوالهم ؟ وفي هذه الحال التي لا ينبغي أن لا يتبع فيها الآباء ؟ لأنها حال تلف وعذاب . وقد تقدم لنا أن مثل هذا التركيب الذي فيه ولو ، إنما يكون في الشيء الذي كان ينبغي أن لا يكون ، نحو : اعطوا السائل ولو جاء على فرس ، ردوا السائل ولو بظلف محرق ، { وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} وكذلك هذا ، كان ينبغي من دعا إلى عذاب السعير أن لا يتبع وقرأ الجمهور :

﴿ ٢١