١٢{وَلَوْ تَرَى } : الظاهر أنه خطاب للرسول ، وقيل : له ولأمته ، أي : يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب . وقال أبو العباس : المعنى يا محمد قل للمجرم .{ وَلَوْ تَرَى } : رأى أن الجملة معطوفة على { يَتَوَفَّاكُم } ، داخلة تحت { قُلْ } ، فلذلك لم يجعله خطاباً للرسول . والظاهر أن لو هنا لم تشرب معنى التمني ، بل هي التي لما كان سيقع لوقوع غيره ، والجواب محذوف ، أي لرأيت أسوأ حال يرى . ولو تعليق في الماضي ، وإذ ظرف للماضي ، فلتحقق الأخبار ووقوعه قطعاً أتى بهما تنزيلاً منزلة الماضي . وقال الزمخشري : يجوز أن يكون خطاباً لرسول اللّه ، وفيه وجهان : أحدهما : أن يراد به التمني ، كأن قيل : وليتك ترى ، والتمني له ، كما كان الترجي له في :{ لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } ، لأنه تجرع منهم الغصص ومن عداوتهم وضرارهم ، فجعل اللّه له ، تمنى أن يراهم على تلك الصفة الفظيعة من الحياء والخزي والغم ليشمت بهم ، وأن تكون لو امتناعية ، وقد جوابها ، وهو : لرأيت أمراً فظيعاً . ويجوز أن يخاطب به كل أحد ، كما تقول : فلان لئيم إن أكرمته أهانك ، وإن أحسنت إليه أساء إليك ، فلا يريد به مخاطباً بعينه ، وكأنك قلت : إن أكرم وإن أحسن إليه . انتهى . والتمني بلو في هذا الموضع بعيد ، وتسمية لو امتناعية ليس بجيد ، بل العبارة الصحيحة لو لما كان سيقع لوقوع غيره ، وهي عبارة سيبويه ، وقوله قد حذف جوابها وتقديره : وليتك ترى ما يدل على أنها كانت إذا للتمني لا جواب لها ، والصحيح أنها إذا أشربت معنى التمني ، يكون لها جواب كحالها إذا لم تشربه . قال الشاعر : فلو نبش المقابر عن كليب فيخبر بالذنائب أي زير بيوم الشعشمين لقر عينا وكيف لقاء من تحت القبور وقال الزمخشري : وقد تجيء لو في معنى التمني ، كقولك : لو تأتيني فتحدثني ، كما تقول : ليتك تأتيني فتحدثني . فقال ابن مالك : إن أراد به الحذف ، أي وددت لو تأتيني فصحيح ، وإن أراد أنها موضوعة للتمني فغير صحيح ، لأنها لو كانت موضوعة له ، ما جاز أن يجمع بينها وبين فعل التمني . لا يقال : تمنيت ليتك تفعل ، ويجوز : تمنيت لو تقوم . وكذلك امتنع الجمع بين لعل والترجي ، وبين إلا واستثنى . انتهى . { نَاكِسُواْ رُءوسِهِمْ } : مطرقوها ، من الذل والحزن والهم والغم . وقرأ زيد بن علي : نكسوا رؤوسهم ، فعلاً ماضياً ومفعولاً ؛ والجمهور : اسم فاعل مضاف .{ عِندَ رَبّهِمْ } : أي عند مجازاته ، وهو مكان شدة الخجل ، لأن المربوب إذا أساء ووقف بين يدي ربه كان في غاية الخجل .{ رَبَّنَا } : على إضمار يقولون ، وقدره الزمخشري : يستغيثون بقولهم :{ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا } ما كنا نكذب ؛{ وَسَمِعْنَا } : ما كنا ننكر ؛ وأبصرنا صدق وعدك ووعيدك ، وسمعنا تصديق رسلك ، وكنا عمياً وصماً فأبصرنا وسمعنا ، فارجعنا إلى الدنيا .{ إِنَّا مُوقِنُونَ } : أي بالبعث . قاله النقاش ؛ وقيل : مصدقون بالذي قال الرسول ، قاله يحيى بن سلام . وموقنون : مشعر بالالتباس في الحال ، أي حين أبصروا وسمعوا . وقيل : موقنون : زالت الآن عنا الشكوك ، ولم نكن في الدنيا نتدبر ، وكنا كمن لا يبصر ولا يسمع . وقيل : لك الحجة ، ربنا قد أبصرنا رسلك وعجائب في الدنيا ، وسمعنا كلامهم فلا حجة لنا ، وهذا اعتراف منهم . |
﴿ ١٢ ﴾