١٤{لاَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } : أي اخترعنا الإيمان فيها ، كقوله :{ أَن لَّوْ يَشَاء اللّه لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا } ، و { لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى } ، و { لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} وقال الزمخشري : على طريق الإلجاء والقسر ، ولكنا بنينا الأمر على الاختيار دون الاضطرار ، فاستحبوا العمى على الهدى ، فحقت كلمة العذاب على أهل العمى دون أهل البصر . ألا ترى إلي ما عقبه به من قوله : { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ } ؟ فجعل ذوق العذاب نتيجة فعلهم من نسيان العاقبة وقلة الفكر فيها ، وترك الاستعداد لها . والمراد بالنسيان : خلاف التذكر ، يعني : أن الانهماك في الشهوات أنهككم وألهاكم عن تذكر العاقبة ، وسلط عليكم نسيانها . ثم قال :{ إِنَّا نَسِينَاكُمْ } على المقابلة : أي جازيناكم جزاء نسيانكم . وقيل : هو بمعنى الترك ، قاله ابن عباس وغيره ، أي تركتم الفكر في العاقبة ، فتركناكم من الرحمة . انتهى . وقوله : على طريق الإلجاء والقسر ، هو قول المعتزلة . وقالت الإمامية : يجوز أن يريد هداها إلى طريق الجنة في الآخرة ، ولم يعاقب أحداً ، لكن حق القول منه أن يملأ جهنم ، فلا يجب على اللّه هداية الكل إليها . قالوا : بل الواجب هداية المعصومين ؛ فأما من له ذنب ، فجائز هدايته إلى النار جزاء على أفعاله ، وفي جواز ذلك منع لقطعهم على أن المراد هداها إلى الإيمان . انتهى . و { هَاذَا } : صفة ليومكم ، ومفعول { فَذُوقُواْ } محذوف ، أو مفعول فذوقوا هذا العذاب بسبب نسيانكم { لِقَاء يَوْمِكُمْ هَاذَا } ، وهو ما أنتم فيه من نكس الرؤوس والخزي والغم ؛ أو ذوقوا العذاب المخلد في جهنم . وفي استئناف قوله :{ إِنَّا نَسِينَاكُمْ } ، وبناء الفعل على إن واسمها تشديد في الانتقام منهم . |
﴿ ١٤ ﴾