٧

{إِن تَكْفُرُواْ } ، قال ابن عباس : خطاب للكفار الذين لم يرد اللّه أن يطهر قلوبهم . وعباده : هم المؤمنون ، ويؤيده قوله قبله :{ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } ، وهذا للكفار ، فجاء { إِن تَكْفُرُواْ } خطاباً لهم ، { فَإِنَّ اللّه غَنِىٌّ عَنكُمْ } ، وعن عبادتكم ، إذ لا يرجع إليه تعالى منفعة بكم ولا بعبادتكم إذ هو الغني المطلق .

قال ابن عطية : ويحتمل أن يكون مخاطباً لجميع الناس ، لأنه تعالى غني عن جميعهم ، وهم فقراء إليه . انتهى . ولفظ عباده عام ، فقيل : المراد الخصوص ، وهم الملائكة ومؤمنو الإنس والجن . والرضا بمعنى الإرادة ، فعلى هذا صفة ذات .

وقيل : المراد العموم ، كما دل عليه اللفظ ، والرضا مغاير للإرادة ، عبر به عن الشكر والإثابة ، أي لا يشكره لهم ديناً ولا يثيبهم به خيراً ، فالرضا على هذا صفة فعل بمعنى القبول والأثابة .

قال ابن عطية : وتأمل الإرادة ، فإن حقيقتها إنما هي فيما لم يقع بعد ، والرضا حقيقته إنما هو فيما قد وقع ، واعتبر هذا في آيات القرآن تجده ، وإن كانت العرب قد تستعمل في أشعارهم على جهة التجوز هذا بدل هذا .

وقال الزمخشري : ولقد تمحل بعض الغواة ليثبت للّه ما نفاه عن ذاته من الرضا لعباده الكفر ، فقال : هذا من العام الذى أريد به الخاص ، وما أراد إلا عباده الذين عناهم في قوله :{ إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } ، يريد

المعصومين لقوله : { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللّه } ، تعالى اللّه عما يقول الظالمون . انتهى . فسمى عبد اللّه بن عباس ترجمان القرآن وأعلام أهل السنة بعض الغواة ، وأطلق عليهم اسم الظالمين ، وذلك من سفهه وجرأته ، كما قلت في قصيدتي التي ذكرت فيها ما ينقد عليه : ويشتم أعلام الأئمة ضلة

ولا سيما إن أو لجوه المضايقا

{وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ } ، قال ابن عباس : يضاعف لكم ، وكأنه يريد ثواب الشكر ؛

وقيل : يقبله منكم . قال صاحب التحرير : قوة الكلام تدل على أن معنى تشكروا : تؤمنوا حتى يصير بإزاء الكفر ، واللّه تعالى قد سمى الأعمال الصالحة والطاعات شكراً في قوله :{ اعْمَلُواْ ءالَ دَاوُودُ شَاكِراً} انتهى . وتقدم الكلام على هذه الآية في سبأ .

وقرأ النحويان ، وابن كثير : يرضه بوصل ضمة الهاء بواو ؛ وابن عامر وحفص : بضمة فقط ؛ وأبو بكر : بسكون الهاء ، قال أبو حاتم : وهو غلط لا يجوز . انتهى . وليس بغلط ، بل ذلك لغة لبني كلاب وبني عقيل . وقوله :{ وَلاَ تَزِرُ } إلى :{ بِذَاتِ الصُّدُورِ } ، تقدم الكلام عليه .

﴿ ٧