١٥{وَمَا تَفَرَّقُواْ } ، قال ابن عباس : يعني قرشياً ، والعلم : محمد عليه الصلاة والسلام ، وكانوا يتمنون أن يبعث إليهم نبي ، كما قال :{ وَأَقْسَمُواْ بِاللّه جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ } ، يريدون نبياً . وقيل : الضمير يعود على أمم الأنبياء ، جاءهم العلم ، فطال عليهم الأمد ، فآمن قوم وكفر قوم . وقال ابن عباس أيضاً : عائد على أهل الكتاب ، والمشركين دليله :{ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدَمَا جَاءتْهُمُ الْبَيّنَةُ } ، قال المشركون : لم خص بالنبوة ، واليهود والنصارى حسدوه .{ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ } : أي عدة التأخر إلى يوم القيامة ، فحينئذ يقع الجزاء ، { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } : لجوزوا بأعمالهم في الدنيا ؛ لكنه قضى أن ذلك لا يكون إلا في الآخرة . وقال الزجاج : الكلمة قوله :{ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ}{ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُواْ الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ } : هم بقية أهل الكتاب الذين عاصروا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ،{ مّن بَعْدِهِمْ } : أي من بعد أسلافهم ، أو هم المشركون ، أورثوا الكتاب من بعدما أورث أهل الكتاب التوراة والإنجيل . وقرأ زيد بن علي : ورثوا مبنياً للمفعول مشدد الراء ، { لَفِى شَكّ مّنْهُ } : أي من كتابهم ، أو من القرآن ، أو مما جاء به محمد صلى اللّه عليه وسلم ،أو من الدين الذي وصى به نوحاً . ولما تقدم شيئآن : الأمر بإقامة الدين ، وتفرق الذين جاءهم العلم واختلافهم وكونهم في شك ، احتمل قوله . { فَلِذَلِكَ } ، أن يكون إشارة إلى إقامة الدين ، أي فادع لدين اللّه وإقامته ، لا تحتاج إلى تقدير اللام بمعنى لأجل ، لأن دعا يتعدى باللام ، قال الشاعر : دعوت لما نابني مسورا فلبى فلبى يدي مسورا واحتمل أن تكون اللام للعلة ، أي فلأجل ذلك التفرق . ولما حدث بسببه من تشعب الكفر شعباً ، { فَادْعُ } إلى الاتفاق والائتلاف على الملة الحنيفية ، { وَاسْتَقِمْ } : أي دم على الاستقامة ، وتقدم الكلام على { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ } ، وكيفية هذا التشبيه في أواخر هود .{ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ } المختلفة الباطلة ، وأمره بأن يصرح أنه آمن بكل كتاب أنزله اللّه ، لأن الذين تفرقوا آمنوا ببعض .{ وَأُمِرْتُ لاِعْدِلَ بَيْنَكُمُ } ،قيل : إن المعنى : وأمرت بما أمرت به لأعدل بينكم في ايصال ما أمرت به إليكم ، لا أخص شخصاً بشيء دون شخص ، فالشريعة واحدة ، والأحكام مشترك فيها . وقيل : لاعدل بينكم في الحكم إذا تخاصمتم فتحاكمتم .{ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ } : أي قد وضحت الحجج وقامت البراهين وأنتم محجوجون ، فلا حاجة إلى إظهار حجة بعد ذلك .{ اللّه يَجْمَعُ بَيْنَنَا } وبينكم ، أي يوم القيامة ، فيفصل بيننا . وما يظهر في هذه الآية من الموادعة منسوخ بآية السيف . |
﴿ ١٥ ﴾