٦أمرا من عندنا . . . . . وجوزوا في أمراً أن يكون مفعولاً به بمنذرين لقوله : { لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا} أو على الاختصاص ، جعل كل أمر حكيم جزلاً فخماً ، بأن وصفه بالحكيم ، ثم زاده جزالة وفخامة نفسه بأن قال : أعني بهذا الأمر أمراً حاصلاً من عندنا ، كائناً من لدنا ، وكما اقتضاه علمنا وتدبيرنا ، كذا قال الزمخشري . وقال : وفي قراءة زيد بن علي : { أَمْراً مّنْ عِنْدِنَا } ، على هو أمراً ، وهي نصب على الاختصاص ومقبولاً له ، والعامل أنزلنا ، أو منذرين ، أو يفرق ، ومصدراً من معنى يفرق ، أي فرقاً من عندنا ، أو من أمرنا محذوفاً وحالاً ، قيل : من كل ، والذي تلقيناه من أشياخنا أنه حال من أمر ، لأنه وصف بحكيم ، فحسنت الحال منه ، إلا أن فيه الحال من المضاف إليه ، وهو ليس في موضع رفع ولا نصب ، ولا يجوز . وقيل : من ضمير الفاعل في أنزلناه ، أي أمرني . وقيل : من ضمير المفعول في أنزلناه ، أي في حال كونه أمراً من عندنا بما يجب أن يفعل . والظاهر أن من عندنا صفة لأمراً ، وقيل : يتعلق بيفرق . {إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } : لما ذكر إنزال القرآن ، ذكر المرسل ، أي مرسلين الأنبياء بالكتب للعباد . فالجملة المؤكدة مستأنفة . وقيل : يجوز أن يكون بدلاً من { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} وجوزوا في رحمة أن يكون مصدراً ، أي رحمنا رحمة ، وأن يكون مفعولاً له بأنزلناه ، أو ليفرق ، أو لأمراً من عندنا . وأن يكون مفعولاً بمرسلين ؛ والرحمة توصف بالإرسال ، كما وصفت به في قوله :{ وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ} والمعنى على هذا : أنا نفصل في هذه الليلة كل أمر ، أو تصدر الأوامر من عندنا ، لأن من عادتنا أن نرسل رحمتنا . وقرأ زيد بن علي ، والحسن : رحمة ، بالرفع : أي تلك رحمة من ربك ، التفاتاً من مضمر إلى ظاهر ، إذ لو روعي ما قبله ، لكان رحمة منا ، لكنه وضع الظاهر موضع المضمر ، إيذاناً بأن الربوبية تقتضي الرحمة على المربوبين . |
﴿ ٦ ﴾