١٧

قل للذين آمنوا . . . . .

{قُل لّلَّذِينَ ءامَنُواْ يَغْفِرُواْ } : نزلت في صدر الإسلام . أمر المؤمنين أن يتجاوزوا عن الكفار ، وأن لا يعاقبوهم بذنب ، بل يصبرون لهم ، قاله السدّي ومحمد بن كعب ، قيل : وهي محكمة ، والأكثر على أنها منسوخة بآية السيف . يغفروا ، في جزمه أوجه للنحاة ، تقدّمت في :{ قُل لّعِبَادِىَ الَّذِينَ ءامَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ } في سورة إبراهيم .{ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللّه } : أي وقائعه بأعدائه ونقمته منهم . وقال مجاهد :

وقيل أيام إنعامه ونصره وتنعيمه في الجنة وغير ذلك .

وقيل : لا يأملون الأوقات التي وقتها اللّه لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز . قيل : نزلت قبل آية القتال ثم نسخ حكمها . وتقدم قول ابن عباس أنها نزلت في عمر بن الخطاب ؛ قيل : سبه رجل من الكفار ، فهم أن يبطش به ،

وقرأ الجمهور : ليجزي اللّه ، وزيد بن عليّ ، وأبو عبد الرحمن ، والأعمش ، وأبو علية ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي : بالنون ؛ وشيبة ، وأبو جعفر : بخلاف عنه بالياء مبنياً للمفعول . وقد روي ذلك عن عاصم ، وفيه حجة لمن أجاز بناء الفعل للمفعول ، على أن يقام المجرور ، وهو بما ، وينصب المفعول به الصريح ، وهو قوماً ؛ ونظيره : ضرب بسوط زيداً ؛ ولا يجير ذلك الجمهور . وخرجت هذه القراءة على أن يكون بني الفعل للمصدر ، أي وليجزي الجزاء قوماً . وهذا أيضاً لا يجوز عند

الجمهور ، لكن يتأول على أن ينصب بفعل محذوف تقديره يجزى قوماً ، فيكون جملتان ، إحداهما : ليجزي الجزاء قوماً ، والأخرى : يجزيه قوماً ؛ وقوماً هنا يعني به الغافرين ، ونكره على معنى التعظيم لشأنهم ، كأنه قيل : قوماً ، أي قوم من شأنهم التجاوز عن السيئات والصفح عن المؤذيات وتحمل الوحشة .

وقيل : هم الذين لا يرجون أيام اللّه ، أي بما كانوا يكسبون من الإثم ، كأنه قيل : لم تكافئوهم أنتم حتى نكافئهم نحن .

{مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً } كهؤلاء الغافرين ، { وَمَنْ أَسَاء } كهؤلاء الكفار ، وأتى باللام في فلنفسه ، لأن المحاب والحظوظ تستعمل فيها على الدالة على العلو والقهر ، كما تقول : الأمور لزيد متأتية وعلى عمرو مستصعبة . والكتاب : التوراة ، والحكم : القضاء ، وفصل الأمور لأن الملك كان فيهم . قيل : والحكم : الفقه .

ويقال : لم يتسع فقه الأحكام على نبي ، كما اتسع على لسان موسى من الطيبات المستلذات الحلال ، وبذلك تتم النعمة ، وذلك المن والسلوى وطيبات الشام ، إذ هي الأرض المباركة . بينات : أي دلائل واضحة من الأمر ، أي من الوحي الذي فصلت به الأمور .

وعن ابن عباس : من الأمر ، أي من أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وأنه يهاجر من تهامة إلى يثرب .

وقيل معجزات موسى .{ فَمَا اخْتَلَفُواْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ } : تقدم تفسيره في الشورى .

﴿ ١٧