٤قل أرأيتم ما . . . . . {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ } : معناه أخبروني عن الذين تدعون من دون اللّه ، وهي الأصنام .{ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الاْرْضِ } : استفهام توبيخ ، ومفعول أرأيتم الأول هو ما تدعون . وماذا خلقوا : جملة استفهامية يطلبها أرأيتم ، لأن مفعولها الثاني يكون استفهاماً ، ويطلبها أروني على سبيل التعليق ، فهذا من باب الإعمال ، أعمل الثاني وحذف مفعول أرأيتم الثاني . ويمكن أن يكون أروني توكيداً لأرأيتم ، بمعنى أخبروني ، وأروني : أخبروني ، كأنهما بمعنى واحد . و قال ابن عطية : يحتمل أرأيتم وجهين : أحدهما : أن تكون متعدية ، وما مفعولة بها ؛ ويحتمل أن تكون أرأيتم منبهة لا تتعدى ، وتكون ما استفهاماً على معنى التوبيخ ، وتدعون معناه : تعبدون . انتهى . وكون أرأيتم لا تتعدى ، وأنها منبهة ، فيه شيء ؛ قاله الأخفش في قوله :{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} والذي يظهر أن ما تدعون مفعول أرأيتم ، كما هو في قوله :{ قُلْ أَرَءيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ } في سورة فاطر ؛ وتقدم الكلام على نظير هذه الجملة فيها . وقد أمضى الكلام في أرأيتم في سورة الأنعام ، فيطالع هناك : و { مّنَ الاْرْضِ } ، تفسير للمبهم في :{ مَاذَا خَلَقُواْ} والظاهر أنه يريد من أجزاء الأرض ، أي خلق ذلك إنما هو للّه ، أو يكون على حذف مضاف ، أي من العالي على الأرض ، أي على وجهها من حيوان أو غيره . ثم وقفهم على عبارتهم فقال : { أَمْ لَهُمْ } : أي : بل . {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى السَّمَاوَاتِ ائْتُونِى بِكِتَابٍ مّن قَبْلِ هَاذَا } : أي من قبل هذا الكتاب ، وهو القرآن ، يعني أن هذا القرآن ناطق بالتوحيد وبإبطال الشرك ، وكل كتب اللّه المنزلة ناطقة بذلك ؛ فطلب منهم أن يأتوا بكتاب واحد يشهد بصحة ما هم عليه من عبادة غير اللّه .{أَوْ أَثَارَةٍ مّنْ عِلْمٍ } ،أي بقية من علم ، أي من علوم الأولين ، من قولهم : سمنت الناقة على أثارة من شحم ، أو على بقية شحم كانت بها من شحم ذاهب . والأثارة تستعمل في بقية الشرف ؛ يقال : لبني فلان أثارة من شرف ، إذا كانت عندهم شواهد قديمة ، وفي غير ذلك قال الراعي : وذات أثارة أكلت علينا نباتاً في أكمته قفارا أي : بقية من شحم . وقرأ الجمهور : أو أثارة ، وهو مصدر ، كالشجاعة والسماحة ، وهي البقية من الشيء ، كأنها أثرة . وقال الحسن : المعنى : من علم استخرجتموه فتثيرونه . وقال مجاهد : المعنى : هل من أحد يأثر علماً في ذلك ؟ وقال القرطبي : هو الإسناد ، ومنه قول الأعشى : إن الذي فيه تماريتما بين للسامع والآثر أي : وللمستدعين غيره ؛ ومنه قول عمر رضي اللّه عنه : فما خلفت به ذاكراً ولا آثراً . وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وقتادة : المعنى : أو خاصة من علم ، فاشتقاقها من الأثرة ، فكأنها قد آثر اللّه بها من هي عنده . وقال ابن عباس : المراد بالأثارة : الخط في التراب ، وذلك شيء كانت العرب تفعله وتتكهن به وتزجر تفسيره . الأثارة بالخط يقتضي تقوية أمر الخط في التراب ، وأنه شيء ليس له وجه إذاية وقف أحد إليه . وقيل : إن صح تفسير ابن عباس الإثارة بالخط في التراب ، كان ذلك من باب التهكم بهم وبأقوالهم ودلائلهم . وقرأ علي ، وابن عباس : بخلاف عنهما ، وزيد بن علي ، وعكرمة ، وقتادة ، والحسن ، والسلمي ، والأعمش ، وعمرو بن ميمون : أو أثرة بغير ألف ، وهي واحدة ، جمعها أثر ؛ كقترة وقتر ؛ وعلي ، والسلمي ، وقتادة أيضاً : بإسكان الثاء ، وهي الفعلة الواحدة مما يؤثر ، أي قد قنعت لكم بخبر واحد وأثر واحد يشهد بصحة قولكم . وعن الكسائي : ضم الهمزة وإسكان الثاء . وقال ابن خالويه ، وقال الكسائي على لغة أخرى : إثرة وأثرة يعني بكسر الهمزة وضمها . |
﴿ ٤ ﴾