٨

أم يقولون افتراه . . . . .

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ } : أي بل يقولون افتراه ، أي بل أيقولون اختلقه ؟ انتقلوا من قولهم :{ هَاذَا سَاحِرٌ } إلى هذه المقالة الأخرى . والضمير في افتراه عائد إلى الحق ، والمراد به الآيات .{ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ } ، على سبيل الفرض ، فاللّه حسبي في ذلك ، وهو الذي يعاقبني على الافتراء عليه ، ولا يمهلني ؛{ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِى مِنَ } عقوبة اللّه بي شيئاً . فكيف أفتريه وأتعرض لعقابه ؟ يقال : فلان لا يملك إذا غضب ، ولا يملك عنانه إذا صم ؛ ومثله :{ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّه شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ } ؟{ وَمَن يُرِدِ اللّه فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّه شَيْئاً} ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : { لا أملك لكم من اللّه شيئاً} . ثم استسلم إلى اللّه واستنصر به فقال :{ هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ } : أي تندفعون فيه من الباطل ، ومراده الحق ، وتسميته تارة سحراً وتارة فرية . والضمير في فيه يحتمل أن يعود على ما ، أو على القرآن ، وبه في موضع الفاعل يكفي على أصح الأقوال .{ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ } : شهيد إليّ بالتبليغ والدعاء إليه ، وشهيد عليكم بالتكذيب .{ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } : عدة لهم بالغفران والرحمة إن رجعوا عن الكفر ، وإشعار بحلمه تعالى عليهم ، إذ لم يعاجلهم بالعقاب ، إذ كان ما تقدم تهديداً لهم في أن يعاجلهم على كفرهم .

﴿ ٨