٦يا أيها الذين . . . . . {ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ } الآية ، حدث الحرث بن ضرار قال : قدمت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فدعاني إلى الإسلام ، فأسلمت ، وإلى الزكاة فأقررت بها ، فقلت : أرجع إلى قومي وأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة ، فمن أجابني جمعت زكاته ، فترسل من يأتيك بما جمعت . فلما جمع ممن استجاب له ، وبلغ الوقت الذي أراد الرسول صلى اللّه عليه وسلم أن يبعث إليه ، واحتبس عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال لسروات قومه : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقت لي وقتاً إلى من يقبض الزكاة ، وليس من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الخلف ، ولا أرى حبس الرسول إلا من سخطه . فانطلقوا بها إليه ، وكان عليه السلام البعث بعث الوليد بن الحرث ، ففرق ، فرجع فقال : منعني الحرث الزكاة وأراد قتلي ، فضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الحرث ، فاستقبل الحرث البعث وقد فصل من المدينة ، فقالوا : هذا الحرث ، إلى من بعثتم ؟ قالوا : إليك قال : ولم ؟ فقالوا : بعث إليك الوليد ، فرجع وزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله ، قال : لا والذي بعث محمداً بالحق ما رأيت رسولك ، ولا أتاني ، وما أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسولك خشية أن يكون سخطة من اللّه ورسوله ، قال : فنزلت هذه الآية . وفاسق وبنبأ مطلقان ، فيتناول اللفظ كل واحد على جهة البدل ، وتقدم قراءة فتبينوا وفتثبتوا في سورة النساء ، وهو أمر يقتضي أن لا يعتمد على كلام الفاسق ، ولا يبنى عليه حكم . وجاء الشرط بحرف إن المقتضي للتعليق في الممكن ، لا بالحرف المقتضي للتحقيق ، وهو إذا ، لأن مجيء الرجل الفاسق للرسول وأصحابه بالكذب ، إنما كان على سبيل الندرة . وأمروا بالتثبت عند مجيئه لئلا يطمع في قبول ما يلقيه إليهم ، ونبا ما يترتب على كلامه . فإذا كانوا بمثابة التبين والتثبت ، كف عن مجيئهم بما يريه .{ ءانٍ } : مفعول له ، أي كراهة أن يصيبوا ، أو لئلا تصيبوا ، { سُوءا بِجَهَالَةٍ } حال ، أي جاهلين بحقيقة الأمر معتمدين على خبر الفاسق ، { فَتُصْبِحُواْ } : فتصيروا ، { عَلَى مَا فَعَلْتُمْ } : من إصابة القوم بعقوبة بناء على خبر الفاسق ، { نَادِمِينَ } : مقيمين على فرط منكم ، متمنين أنه لم يقع . ومفهوم { إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ } : قبول كلام غير الفاسق ، وأنه لا يتثبت عنده ، وقد يستدل به على قبول خبر الواحد العدل . وقال قتادة : لما نزلت هذه الآية ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : { التثبت من اللّه والعجلة من الشيطان} . وقال مقلد بن سعيد : هذه الآية ترد علي من قال : إن المسلمين كلهم عدول حتى تثبت الجرحة ، لأن اللّه تعالى أمر بالتبين قبل القبول . انتهى . وليس كما ذكر ، لأنه ما أمر بالتبيين إلا عند مجيء الفاسق ، لا مجيء المسلم ، بل بشرط الفسق . والمجهول الحال يحتمل أن يكون فاسقاً ، فالاحتياط لازم . |
﴿ ٦ ﴾