٤

والذاريات ذروا

الحبك : الطرائق ، مثل حبك الرمل والماء القائم إذا ضربته الريح ، وكذلك حبك الشعر آثار تثنيه وتكسره قال الشاعر : مكلل بأصول النجم ينسجه

ريح خريق لضاحي مائه حبك

والدرع محبوكة لأن حلقها مطرق طرائق ، وواحدها حبيكة ، كطريقة وطرق ، أو حباك ، كمثال ومثل ، قال الراجز : كأنما حللّها الحوّاك

طنفسة في وشيها حباك

ويقال : حباك للظفيرة التي يشد بها خطار القصب بكرة ، وهي مستطيلة تصنع في ترحيب الغراسات المصطفة . وقال ابن الأعرابي : حبكت الشيء : أحكمته وأحسنت عمله . قال الفراء : الحبك : تكسر كل شيء . وقال غيره : المحبوك : الشديد الخلق من فرس وغيره . قال امرؤ القيس : قد غدا يحملني في أنفه

لاحق الأطلين محبوك ممر

الهجود : النوم . السمن : معروف ، وهو امتلاء الجسد بالشحم واللحم . يقال : سمن سمناً فهو سمين ، شذوا في المصدر واسم الفاعل ، والقياس سمن وسمن . وقالوا : سامن ، إذا حدث له السمن . الذنوب : الدلو العظيمة ، قال الراجز : إنا إذا نازلنا غريب

له ذنوب ولنا ذنوب

وإن أبيتم فلنا القليب

وأنشده الزمخشري : لنا ذنوب ولكم ذنوب

ويطلق ، ويراد به الحظ والنصيب ، قال علقمة بن عبدة :

وفي كل حي قد خبطت بنعمة

فحق لشاس من نداك ذنوب

ونسبه الزمخشري لعمرو بن شاس ، وهو وهم في ديوان علقمة . وكان الحارث بن أبي شمر الغساني أسر شاساً أخا علقمة ، فدخل إليه علقمة ، فمدحه بالقصيدة التي فيها هذا البيت ، فلما وصل إلى هذا البيت في الإنشاد قال الحرث : نعم وأذنبه ، وقال حسان :

لا يبعدن ربيعة بن مكرم

وسقى الغوادي قبره بذنوب

وقال آخر :

لعمرك والمنايا طارقات

لكل بني أب منها ذنوب

هذه السورة مكية . ومناسبتها لآخر ما قبلها أنه قال فذكر بالقرآن من يخاف وعيد . وقال أول هذه بعد القسم :{ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدّينَ لَوَاقِعٌ}

{وَالذرِيَاتِ } : الرياح : .{ فَالْحَامِلَاتِ } السحاب .{ فَالْجَارِيَاتِ } الفلك .{ فَالْمُقَسّمَاتِ } : الملائكة ، هذا تفسير عليّ كرم اللّه وجهه على المنبر ، وقد سأله ابن الكواء ، قاله ابن عباس .

وقال ابن عباس أيضاً :{ فَالْحَامِلَاتِ } هي السفن الموقرة بالناس وأمتاعهم .

وقيل : الحوامل من جميع الحيوان .

وقيل : الجاريات : السحاب بالرياح .

وقيل : الجواري من الكواكب ، وأدغم أبو عمرو وحمزة { وَالذرِيَاتِ } في ذال { ذَرْواً } ، وذروها : تفريقها للمطر أو للتراب . وقرىء : بفتح الواو وتسمية للمحمول بالمصدر . ومعنى { يُسْراً } : جرياً ذا يسر ، أي سهولة . فيسراً مصدر وصف به على تقدير محذوف ، فهو على رأي سيبويه في موضع الحال .{ أمْراً } تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها ، فأمراً مفعول به .

وقيل : مصدر منصوب على الحال ، أي مأموره ، ومفعول المقسمات محذوف . وقال مجاهد : يتولى أمر العباد جبريل للغلظة ، وميكائيل للرحمة ، وملك الموت لقبض الأرواح ، وإسرافيل للنفخ . وجاء في الملائكة : فالمقسمات على معنى الجماعات .

وقال الزمخشري : ويجوز أن يراد الرياح لا غير ، لأنها تنشىء

السحاب وتقله وتصرفه وتجري في الجو جرياً سهلاً ، وتقسم الأمطار بتصريف الرياح . انتهى . فإذا كان المدلول متغايراً ، فتكون أقساماً متعاقبة . وإذا كان غير متغاير ، فهو قسم واحد ، وهو من عطف الصفات ، أي ذرت أول هبوبها التراب والحصباء ، فأقلت السحاب ، فجرت في الجو باسطة للسحاب ، فقسمت المطر . فهذا كقوله : يا لهف زيابة للحارث الص

ابح فالغانم فالآيب

أي : الذي صبح العدو فغنم منهم ، فآب إلى قومه سالماً غانماً . والجملة المقسم عليها ، وهي جواب القسم ، هي

﴿ ٤