٢٣فورب السماء والأرض . . . . . والضمير في إنه عائد على القرآن ، أو إلى الدين الذي في قوله : { وَإِنَّ الدّينَ لَوَاقِعٌ } ،أو إلى اليوم المذكور في قوله :{ أَيَّانَ يَوْمُ الدّينِ } ،أو إلى الرزق ، أو إلى اللّه ، أو إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، أقوال منقولة . والذي يظهر أنه عائد على الإخبار السابق من اللّه تعالى فيما تقدم في هذه السورة من صدق الموعود ووقوع الجزاء ، وكونهم في { قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } ، و { قُتِل الْخَرصُونَ } ، وكينونة المتقين في الجنة على ما وصف ، وذكر أوصافهم وما ذكر بعد ذلك ، ولذلك شبه في الحقيقة بما يصدر من نطق الإنسان بجامع ما اشتركا فيه من الكلام . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر ، والحسن ، وابن أبي إسحاق ، والأعم ٥ : بخلاف عن ثلاثتهم . مثل بالرفع : صفة لقوله :{ لَحَقُّ } ؛ وباقي السبعة ، والجمهور : بالنصب ، وقيل : هي فتحة بناء ، وهو نعت كحاله في قراءة من رفع . ولما أضيف إلى غير متمكن بنى ، وما على هذا الإعراب زائدة للتوكيد ، والإضافة هي إلى أنكم تنطقون . وقال المازني : بنى مثل ، لأنه ركب مع ما ، فصار شيئاً واحداً ، ومثله : ويحما وهيما وابنما ، قال حميد بن ثور : ألا هيما مما لقيت وهيما وويحاً لمن لم يلق منهن ويحما قال : فلولا البناء لكان منوناً ، وقال الشاعر : فأكرم بنا أو أماً وأكرم بنا ابنما انتهى هذا التخريج . وابنما ليس ابنا بني مع ما ، بل هذا من باب زيادة الميم فيه ، واتباع ما في الآخر ، إذ جعل في الميم الإعراب . تقول : هذا ابنم ، ورئت ابنما ، ومررت بابنم ، وليست ما في الثلاث في ابنما مركبة مع ما ، كما قال : الفتحة في ابنما حركة إعراب ، وهو منصوب على التمييز ، وأنشد النحويون في بناء الاسم مع الحرف قول الراجز : أثور ما أصيدكم أو ثورين أم تيكم الجماء ذات القرنين وقيل : هو نعت لمصدر محذوف تقديره : إنه لحق حقاً مثل ما أنكم ، فحركته حركة إعراب . وقيل : انتصب على أنه حال من الضمير المستكن في { لَحَقُّ} وقيل : حال من لحق ، وإن كان نكرة ، فقد أجاز ذلك الجرمي وسيبويه في مواضع من كتابه . والنطق هنا عبارة عن الكلام بالحروف والأصوات في ترتيب المعاني . ويقول الناس : هذا حق ، كما أنك ههنا وهذا حق ، كما أنك ترى وتسمع ، وهذا كما في الآية . وما زائدة بنص الخليل ، ولا يحفظ حذفها ، فتقول : ذا حق كأنك ههنا ، والكوفيون يجعلون مثلاً محلى ، فينصبونه على الظرف ، ويجيزون زيد مثلك بالنصب ، فعلى مذهبهم يجوز أن تكون مثل فيها منصوباً على الظرف ، واستدلالهم والرد عليهم مذكور في النحو . ومن كلام بعض الأعراب : من ذا الذي أغضب الخليل حتى حلف ، لم يصدقوه بقوله حتى ألجأوه إلى اليمين . |
﴿ ٢٣ ﴾