١١

ما كذب الفؤاد . . . . .

{مَا كَذَبَ } فؤاد محمد صلى اللّه عليه وسلم ما رآه ببصره من صورة جبريل : أي ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك ، يعني أنه رآه بعينه وعرفه بقلبه ، ولم يشك في أن ما رآه حق . انتهى .

وقرأ الجمهور : ما كذب مخففاً ، على معنى : لم يكذب قلب محمد صلى اللّه عليه وسلم الشيء الذي رآه ، بل صدقه وتحققه نظراً ، وكذب يتعدى .

وقال ابن عباس وأبو صالح : رأى محمد صلى اللّه عليه وسلم اللّه تعالى بفؤاده .

وقيل : ما رأى بعينه لم يكذب ذلك قلبه ، بل صدقه وتحققه ، ويحتمل أن يكون التقدير فيما رأى .

وعن ابن عباس وعكرمة وكعب الأحبار : أن محمداً صلى اللّه عليه وسلم رأى ربه بعيني رأسه ، وأبت ذلك عائشة رضي اللّه تعالى عنها ، وقالت : أنا سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن هذه الآيات ، فقال لي : { هو جبريل عليه السلام فيها كلها} . وقال الحسن : المعنى ما رأى من مقدورات اللّه تعالى وملكوته . وسأل أبو ذر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : هل رأيت ربك ؟ فقال : { نورانى أراه} . وحديث عائشة قاطع لكل تأويل في اللفظ ، لأن قول غيرها إنما هو منتزع من ألفاظ القرآن ، وليست نصاً في الرؤية بالبصر ، بلا ولا بغيره .

وقرأ أبو رجاء وأبو جعفر وقتادة والجحدري وخالد بن الياس وهشام عن ابن عامر : ما كذب مشدداً . وقال كعب الأحبار : إن اللّه قسم الرؤية والكلام بين محمد وموسى عليهما الصلاة والسلام ، فكلم موسى مرتين ، ورآه محمد صلى اللّه عليه وسلم مرتين . وقالت عائشة رضي اللّه تعالى عنها : لقد وقف شعري من سماع هذا ، وقرأت :{ لاَّ تُدْرِكُهُ الاْبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الاْبْصَارَ } ، وذهبت هي وابن مسعود وقتادة والجمهور إلى أن المرئي مرتين هو جبريل ، مرة في الأرض ، ومرة عند سدرة المنتهى .

﴿ ١١