٤خلق الإنسان ولما ذكر تعليم القرآن ولم يذكر المعلم ، ذكره بعد في قوله : { خَلَقَ الإِنسَانَ } ، ليعلم أنه المقصود بالتعليم . ولما كان خلقه من أجل الدين وتعليمه القرآن ، كان كالسبب في خلقه تقدّم على خلقه . ثم ذكر تعالى الوصف الذي يتميز به الإنسان من المنطق المفصح عن الضمير ، والذي به يمكن قبول التعليم ، وهو البيان . ألا ترى أن الأخرس لا يمكن أن يتعلم شيئاً مما يدرك بالنطق ؟ وعلم متعدّية إلى اثنين ، حذف أولهما لدلالة المعنى عليه ، وهو جبريل ، أو محمد عليهما الصلاة والسلام ، أو الإنسان ، أقوال . وتوهم أبو عبد اللّه الرازي أن المحذوف هو المفعول الثاني ، قال : فإن قيل : لم ترك المفعول الثاني ؟ وأجاب بأن النعمة في التعليم ، لا في تعليم شخص دون شخص ، كما يقال : فلان يطعم الطعام ، إشارة إلى كرمه ، ولا يبين من يطعمه . انتهى . والمفعول الأول هو الذي كان فاعلاً قبل النقل بالتضعيف أو الهمزة في علم وأطعم . وأبعد من ذهب إلى أن معنى { عَلَّمَ الْقُرْءانَ } : جعله علامة وآية يعتبر بها ، وهذه جمل مترادفة ، أخبار كلها عن الرحمن ، جعلت مستقلة لم تعطف ، إذ هي تعداد لنعمه تعالى . كما تقول : زيد أحسن إليك ، خوّلك : أشار بذكرك ، والإنسان اسم جنس . وقال قتادة الإنسان : آدم عليه السلام . وقال ابن كيسان : محمد صلى اللّه عليه وسلم. وقال ابن زيد والجمهور :{ البَيَانَ } : المنطق ، والفهم : الإبانة ، وهو الذي فضل به الإنسان على سائر الحيوان . وقال قتادة : هو بيان الحلال والشرائع ، وهذا جزء من البيان العام . وقال محمد بن كعب : ما يقول وما يقال له . وقال الضحاك : الخير والشر . وقال ابن جريج : الهدى . وقال يمان : الكتابة . ومن قال : الإنسان آدم ، فالبيان أسماء كل شيء ، أو التكلم بلغات كثيرة أفضلها العربية ، أو الكلام بعد أن خلقه ، أو علم الدنيا والآخرة ، أو الاسم الأعظم الذي علم به كل شيء ، أقوال ، آخرها منسوب لجعفر الصادق |
﴿ ٤ ﴾