٣

ولولا أن كتب . . . . .

{وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ اللّه عَلَيْهِمُ الْجَلاَء لَعَذَّبَهُمْ فِى الدُّنْيَا } : أي لولا أنه تعالى قضى أنه سيجليهم من ديارهم ويبقون مدة يؤمن بعضهم ويولد لبعضهم من يؤمن ، لعذبهم في الدنيا بالقتل والسبي ، كما فعل بإخوانهم بني قريظة . وكان بنو النضير من الجيش الذين عصوا موسى في كونهم لم يقتلوا الغلام ابن ملك العماليق ، تركوه لجماله وعقله . وقال موسى عليه السلام : لا تستحيوا منهم أحداً . فلما رجعوا إلى الشام ، وجدوا موسى عليه السلام قد مات . فقال لهم بنو إسرائيل : أننم عصاة ، واللّه لا دخلتم علينا بلادنا ، فانصرفوا إلى الحجاز ، فكانوا فيه ، فلم يجر عليهم الجلاء الذي أجلاه بخت نصر على أهل الشام . وكان اللّه قد كتب على بني إسرائيل جلاء ، فنالهم هذا الجلاء على يد محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا بالسيف والقتل ، كأهل بدر وغيرهم .

ويقال : جلا القوم عن منازلهم وأجلاهم غيرهم . قيل : والفرق بين الجلاء والإخراج : أن الجلاء ما كان مع الأهل والولد ، والإخراج قد يكون مع بقاء الأهل والولد . وقال الماوردي : الجلاء لا يكون إلا لجماعة ، والإخراج قد يكون لواحد وجماعة .

وقرأ الجمهور : الجلاء ممدوداً ؛ والحسن بن صالح وأخوه علي بن صالح : مقصوراً ؛ وطلحة : مهموزاً من غير ألف كالبنأ .{ وَلَهُمْ فِى الاْخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ } : أي إن نجوا من عذاب الدنيا ، لم ينجوا في الآخرة .

﴿ ٣